شخصيات مغرب 2012

أعجبتني لعبة أن أكتب في نهاية كل سنة ميلادية، قائمة بأبرز الشخصيات التي فرضت وجودها على الصعيد الوطني. فاستعنت بأصدقائي من أجل إعادة انعاش مخيلتي، وتذكر بعض الأشخاص الذين كانوا أبطال أحداث مهمة عاشها المغرب في 2012.
حاولت أن تكون لائحتي مقتصرة على 10 شخصيات، لكن الواقع فرض أن أضيف شخصين اقتسما مع البقية الشهرة خلال هاته السنة التي سنودعها قريبا.


وما لاحظته هذا العام, هو هيمنة أخبار السياسيين وفضائحهم على وسائل الاعلام المغربية ومعها ألسنة المغاربة, الذين صاروا يعرفون أسماء رجالات السياسة وتحركاتهم أكثر من معرفتهم لأبطال المجالات التي يهتمون بها.
ولعل ما جعل أسماء السياسيين تبرز بشكل كبير، هو الوضعية التي عاشها بلدنا هاته السنة، ودخول حكومة جديدة يسيرها حزب العدالة والتنمية في مواجهة للأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للمغاربة.

- هامش: شكرا لكل الأصدقاء الذين ساعدوني في إعداد هاته اللائحة، وساعدوني في تذكر بعض الأسماء التي نسيتها سابقا.

بدون أن أطيل عليكم، هاته هي رؤيتي الشخصيتي لأكثر اثني عشرة، استحقوا عن جدارة أن يكونوا شخصيات مغرب 2012.

12) مصطفى الخلفي:

هو وزير الاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة. أثار ضجة كبيرة بعد إقرار البرلمان المغربي لدفتر تحملات قنوات القطب العمومي، والذي لقي معارضة كبيرة من بعض الأشخاص الذين اتهموا الوزير بأنه يريد تغيير الهوية التي نشأت عليها قنواتنا الوطنية. الجدل الكبير انتهى بإقرار عدم تفعيل دفاتر التحملات وإنشاء لجنة جديدة من أجل تعديلها وإعادة صياغتها.
ومازال المغاربة ينتظرون الجديد في هاته القضية التي كان بطلها وزير الاتصال المغرب.

11) دنيا باطما:
المغنية التي تأهلت لنهائي برنامج عرب ايدول، وتمكنت في حينها من البروز وبقوة في الساحة الاعلامية المغربية، حيث امتلأت الجرائد والمجلات الورقية والالكترونية بصورها وجديد أخبارها. انتماؤها لعائلة معروفة فنيا في المغرب ومشاركتها السابقة في برنامج استوديو دوزيم، وعدم احرازها للقب عرب ايدول، هي عوامل عديدة جعلت اسم دنيا باطما يستحوذ على حصة الأسد في محركات البحث ومواضيع الأنترنيت، لتكون بذلك احدى أهم الشخصيات التي برزت في المغرب خلال هاته السنة.

10) Le Prasson:
هو الطفل المهدي فهمي، والمعروف أكثر بلقب ( لوبراسون). انتشر له فيديو على اليوتيوب يعبر فيه هذا الفتى مع صديقه عن اعجابه بفريق الرجاء البيضاوي واللاعب ميسي، ويؤكد أنه يريد أن يكون لاعبا حقيقيا في فريقه المفضل. وحينما طلب منه قراءة اسم ( زيدان) المكتوب على قميص صديقه، نطقه الطفل ب ( Le Prasson). رابط مشاهدة الفيديو: هنــــا.

9) حميد شباط:
هو الأمين العام الجديد لحزب الاستقلال المغربي الذي يعد من أقدم وأعرق الأحزاب المغربية. خاض حربا ضروسا في انتخابات الأمانة العامة ضد أفراد العائلة الفاسية التي كانت تسيطر على الحزب منذ سنين طويلة. استطاع جذب اهتمام الاعلام المغربي بسبب تدخلاته المختلفة التي وصفت ب "الشعبوية "، بالاضافة لبعض الفضائح التي رافقت أفراد عائلته هاته السنة.

8) أنور العبادي:
هو الشاب المغربي الذي حصل هاته السنة على أعلى معدل باكلوريا في المغرب ب 19.28. استطاع أنور أن يفرض اسمه في الساحة المغربية بسبب ظروف حياته البسيطة وعدم اعتماده في تحقيق انجازه على أي حصص دعم دراسية اضافية.

7) نجاة الڭرعة:
المغربية التي حازت على ميداليتين ذهبية وفضية في الألعاب الباراأولمبية لأصحاب الاحتياجات الخاصة. تألقها المميز رفقة العديد من الرياضيين جعل المغاربة ينسون للحظات الحصيلة الميتة التي عادوا بها من أولمبيات لندن. لتكون ميداليات الڭرعة وأصدقاؤها النقطة البيضاء في مشاركة أولمبية سيطرت عليها فضائح المنشطات وهزائم الرياضيين.

6) عبد السلام ياسين:
مع اقتراب نهاية هاته السنة، توفي الشيخ ياسين مرشد جماعة العدل والاحسان المحظورة في المغرب. كانت وفاته صدمة للعديد من أعضاء الجماعة وأيضا بعض المتعاطفين معها. بينما جنازته اعتبرت من أكبر التجمعات الجنائزية التي شهدها المغرب لبعض من رجالاته. وفاة الشيخ اعتبرت حدثا عاما ومهما، جعل العديد من الأشخاص يبحثون عن سيرته وتفاصيل دعوته وأهداف جماعته، ورسمت اسمه بين أهم الشخصيات التي بصمت سنة 2012.

5) محمد الوفا:
رجل الديبلوماسية والسياسة الذي يشغل منصب وزير التربية الوطنية في المغرب. ظهر اسمه في الاعلام بسبب بعض القرارات المستحسنة التي أقرها فيما يتعلق بامتحانات الباكلوريا ومراكز تكوين الأساتذة وغيرها.. لكن في المقابل اتسمت بعض مواقفه بالشعبوية وعدم الرزانة بعد أن تحدث بأسلوب غير لبق عن المدير وسكرتيرته في أحد تدخلاته، وأيضا عندما تهكم على طفلة صغيرة مستفسرا إياها عن سبب بقائها في المدرسة رغم كبر السن البادي عليها..
للمزيد من التفاصيل: هــنـــا

4) عبد الله النهاري:
هو خطيب وداعية مغربي اشتهر بطريقته المميزة في إلقاء الخطب وتهكمه على بعض الشخصيات المعروفة. لكن بعض مواقفه خلق ضجة اعلامية، خصوص عندما اتهم بأنه قد حرض على قتل الصحفي المختار الغزيوي، والذي أقر في احدى القنوات الفضائية بأنه يسمح لأمه وأخته وابنته أن يمارسا حريتهما بالطريقة التي يريدونها وذلك إجابة على سؤال المذيعة له، إن كان يسمح لهن بممارسة الجنس خارج إطار الزواج.
مازالت تفاصيل قضية عبد الله النهاري مع المختار الغزيوي بين أروقة المحاكم، ومازلنا في انتظار تفاصيل جديدة ومثيرة عن نهايتها

3) أمينة الفيلالي:
قامت الشابة أمينة بالانتحار بسبب تفاصيل مجهولة، لكن انتحارها كان بداية جدل جديد حول قانون يسمح للمغتصَبة بالزواج من مغتصِبها الشيء الذي يعفيه من عقابه. اتخذت قضية أمينة الفيلالي  منحى مهما بعد أن أصبحت قضية رأي عام فهي تجسد في نظر المجتمع المحلي، طفلة بريئة اغتصبت وتم تزويجها من مغتصبها، لتكون النهاية انتحارها لأسباب مجهولة.
من المسؤول اذن عن انتحار أمينة؟ سؤال لا يزال مطروحا..

2) بوزبال:
شخصية كرتونية ظهرت على شبكة الفايسبوك وفي أفلام مصورة على اليوتيوب. صارت تشكل نموذجا للمواطن المغربي المحتقر الذي يعاني من البطالة والعطالة في ظل مجتمع يتعامل بالمحسوبية والزبونية والقمع.

1) عبد الاله بن كيران:
رئيس الحكومة المغربي وأهم شخصية برزت في هاته السنة. وكيف لا وهو الذي صار مسؤولا على كل ما يحدث في المغرب من أفراح وأتراح.. ليستحق وعن كل جدارة، صدارة لائحة أقوى الشخصيات حضورا في الاعلام المغربي لهاته السنة.






بكارة للبيع... الجزء الثاني

الجزء الأول: هـــــنــــا

جلست تتأمل والابتسامة تعلو محياها كل الطلبات التي قدمت من أجل بكارتها. لم تكن تعتقد أن جزءًا منها سيكون قيما لهاته الدرجة. بدأ الرجال يزايدون على الثمن وكانت هي تنظر باستغراب وضحك واضحين لتسابقهم من أجل النيل منها.

كانت أثمنة المزاد ترتفع شيئا فشيئا، بينما ضربات قلبها تزداد مع كل نقرة جديدة تعلمها بوجود مزايدة على عذريتها. لم يعرف المشترون أبدا من هي أو ماهو بلدها، لكنهم رغبوا فقط في تذوق حلاوة فض بكارة فتاة، أعلنت الرغبة في أن تكون حلبة مصارعة تشهد بطولاتهم.

استمر المزاد أسبوعا كاملا، وفاز بالحظ رجل لم تعرفه, قدم لها ما يساوي مليون أورو ثمنا لبكارتها. كانت  جد فرحة بالثروة التي ربحتها وسارعت بالرد على رسالته لتؤكد بأنه الشاري صاحب الحظ وأنها البكر التي سيسعد بها.

قررت أن تغادر منزل خالها للأبد وألا تعود له مجددا، اختلقت خلافا مع أحد أبنائه وحملت ملابسها وغادرت. جرتها أقدامها لمدينة الأحلام حيث ستكمل دراستها للهندسة، واتصلت بصاحب الحظ كي تقرر بحديثها معه الطريقة التي ستحصل بها على نقودها ويحصل بها هو على متعته ببكارتها..

يتبع...



شهادة عذرية


كانت يداها ترتعشان من الخوف، وضربات قلبها تتسارع بينما دموعها تنزل بحرارة. اقتربت من السرير مرتعبة وخلعت سروالها.
حاولتُ ممازحتها كي تسترخي قليلا من أجل معاينتها، لكن بلا جدوى، فقدماها لم تتحملا كل هذا الضغط وتأرجحت من فوق السرير لتسقط أرضا.
كان شعوري بالخزي يساوي شعورها بالخوف، فقد كنت أكره بشدة القيام بفحص العذرية للفتيات المقبلات على الزواج، أو لطفلات صغيرات تعرضن لحوادث عادية، وسارعت أمهاتهن بالكشف عنهن.
...
انتهيت من مهمتي، وأنهت هي ارتداء ملابسها. سألتها بابتسامة تخبرها مسبقا بنتيجة الفحص:
- مبروك عليك الزواج، كم عمرك؟؟
- 16 سنة
أجبتُ باستغراب: وهل تم قبولك في عقد الزواج بدون مشاكل؟؟
- طبعا تم قبولي، المال يفتح كل الأبواب..

ابتسمتُ ثانية وقارنت حالتها أثناء الفحص، بكلماتها الواثقة في هاته اللحظة، كانت طفلة بريئة في جسد امرأة كاملة الأنوثة، سألتها مجددا:
- وهل أن قادرة جسديا ونفسيا على الزواج؟؟
أجابتني بعين امرأة لم أعرفها: طبعا قادرة.... قادرة مئة في المئة.
.
.
ابتسمت مجددا، وواصلت كتابة شهادة تثبت فيها للجميع بأنها ليست " امرأة "..



صور مدونتي


بدون عنوان




مساء النور،
فكرت ليلة أمس بكتابة كلمات بسيطة عن حلول السنة الهجرية الجديدة، عادة ألفتها كي أبارك لأصدقاء المدونة كل المناسبات التي اعتقدت أنها تهمهم وتهمني. للأسف لم أستطع خط أي كلمة, تماما مثلما يحصل معي منذ شهر تقريبا. أحاول أن أجبر نفسي على الكتابة كي أهرب من الأفكار المتزاحمة في رأسي الصغير، ولكن دون جدوى...

في ذلك الوقت الذي كثر فيه اللغط عن الفائدة من استعمال النظام التقليدي لمراقبة الهلال، من أجل تحديد بدايات الشهور الهجرية ونهاياتها، عوض الاستفادة من الحسابات الفلكية الدقيقة، كان العالم الافتراضي ( وربما الواقعي أيضا) يضحك من الأخطاء التي وقعت فيها قناتينا المبجلتين، حينما أعلنت احداهما أن بداية السنة ستكون خميسا بينما أقرتها الأخرى بالجمعة. فكان الضاحكون مهتمون فعلا بالأمر إذ أن احتفالهم بذكرى هجرة نبينا الكريم عليه صلوات الله أجمعين ستتزامن مع "ويكاند" أي أن ساعات الراحة ستكون أطول وأفضل.

وفي ذلك الوقت أيضا، كانت نيران اسرائيلية تحرق في أطفال غزة، وصواريخ قاتلة تخترق أشلاء الفسلطينين وسط صمت عربي وعالمي. لم أعرف عن الأمر إلا عبر تغريدات الأصدقاء، وأحاول أن أعاتب نفسي بعد معرفتي ببعض التفاصيل. ربما لست الوحيدة، فكثير هم الناس الذين لم يعودوا يهتمون بما يحدث في فلسطين أو سوريا أو... فقدوا الإحساس بالقضية بعد أن تعودوا تكرار السيناريوهات بين الفينة والأخرى. وتستمر الحياة..
هم يموتون هنا ويحيون هناك.. ونحن أموات هنا وهناك..

وقبل ذلك الوقت بساعات، قرأت موضوعا عن شابين أحدهما خليجي يدرسان في إحدى الجامعات العالمية العريقة بالإمارات، ضبطا عاريين يمارسان الجنس في سيارة. لأسمع بعد ذلك عن شريط بورنوغرافي لشابين مغربيين، أحدهما استمتع تحت تأثير المخدرات برغبات  الآخر المستمتِع بالتصوير. الشريط انتشر سريعا عبر الفايسبوك، وبسرعة أكبر عرف بطلاه وحكايتهما، وانضمام الذكر فيهما للجيل الجديد من رجال التعليم الذي يعول عليه لبناء أجيال الغد.
بدأت أفكر إن كان للناس الحق في نشر هذا الشريط وفضح أصحابه، وخصوصا الفتاة التي ستكون هي وعائلتها في موقف لا يحسدون عليه ( بعد متابعتهما). لكن ربما يكون ما حصل سدا أمام العديد من الأشخاص لكي لا يتكرر الأمر مجددا، فيتعظ الشباب بعد الحساب، ويتعظ الآباء بتحسين تربية الأبناء.
أحيانا، يجب أن نعالج الجرح جيدا قبل أن نغطيه، وإلا سيكون مصيره التعفن..

قد يسألني القراء وما علاقة رأس السنة الهجرية بما يقع بغزة وبالفضائح الجنسية لشباب العرب؟ سأقف حائرة أمامهم لأنهم قد يرون ما لا أراه، وقد يفهمون ما لا يعرفون. فأنا مثلهم، أعيش في أمة اسلامية تناست أنها تتناقش عن عطلة تريح بها أجسادها الحية وأرواحها الميتة، في يوم مشابه لذاك الذي حمل فيه رسولنا رسالته بروحه هربا من مطارديه، كي يؤمن انتشارها ووصولها لنا. أمة ألفت الهوان حتى صارت مشاهد الموت عندها عادة، وإنقاص صوت الآهات عند الصلاة والآذان، هو العبادة.. أمة جعلت عقولها ذرات تتحكم بها هرمونات الجنس، حتى صارت لحومهم تباع بالبخس.

لا أعرف العلاقة يا أصدقائي، فأنا فقط لبيت نداء قلمي الأحمر الذي أبى إلا أن يصرخ:
 وآآآآآآآآآآآآآآا إسلامآآآآآآآآاه

مصدر الصورة

بكارة للبيع... الجزء الأول



وقفت أمام المرآة تتأمل جمالها الفاتن وتحرك شعراتها اللامعة. قررت أنها تستحق الأفضل ولن تتخلى بسبب وضعها المادي عن أحلامها. ستدخل كلية الهندسة لتحصل الغنى في شبابها فتعوض به ما فقدته في طفولتها. لن تهتم أبدا بالوالد السكير الهارب ولا بذكرى الأم المتوفاة، ولا بالخال الذي يحسب الأيام التي يزوجها فيها حتى يرتاح من أمانة خانقة وضعت بين يديه.

قرأت عن الفكرة مرات عديدة، وعرفت مدى نجاحها في مجتمعات غريبة أصلا، لكن أن تكون هي السباقة للقيام بهاته الخطوة في بلد شرقي، أمر صعب تصوره أو تخيل كيف سيتقبله الآخرون. ثم إن كل صديقاتها صرن يقدمن شرفهن هدية  لكل ذكر يشعرون بحنان منه، ولطالما خبرتها الباقيات عن حلاوة التجربة وعدم أهميتها مستقبلا. وولقد راودها رجال افتتنوا بجمالها وطلبوا رضاها بتنازل بسيط منها كي تكون رفيقتهم, لكنها كانت تتردد دوما بسبب اهتمامها بدراستها ومستقبلها. وهاهي على بعد خطوات من تحقيق حلمها، فقط يجب أن تجمع مالا يكفيها لمصاريف عيشها وبداية حياة جديدة، بعيدا عن سيطرة خالها والنظرات القاتلة من أولاده المهووسين.

فتحت حاسوبها وأنشأت بسرعة حسابا في موقع للاعلانات. ترددت كثيرا في كتابة الكلمات المناسبة، لم تدر هل تستعمل عربيتها الفصيحة أو فرنسيتها المتقنة أو انجليزيتها المميزة كي تضع اعلانها. أرادت أن توصل رسالتها بكلمات قليلة:
فتاة جميلة تريد بيع عذريتها
يبدأ المزاد يوم الثلاثاء



يتبع..


في مثل هذا اليوم


في مثل هذا اليوم من سنة 2000، توفي محمد الدُّرة بين يدي والده برصاص الاحتلال الإسرائيلي الغاشم.
عرفنا تفاصيل استشهاده وثرنا باسمه أشهرا طويلة، لكن هل مازالت قلوبنا وقلوب الفسلطينيين تتذكر أن ما استشهد من أجله الدرة لم يتحقق بعد؟



C.I.N

السلام عليكم
يسعدني اليوم أن أقدم لكم، وحصريا على مدونة المغربية، القصة القصيرة (C.I.N) لكاتبها المتألق الشاب أيمن قشوشي صاحب رائعة (كلكن عذراوات) . وفي انتظار إصدار المجموعة القصصية الثانية للكاتب  إن شاء الله، سأتمتع وإياكم بقراءة هاته الكلمات المميزة. 



استيقظت باكرا هذا الصباح. لا زال حديث الأمس جاثما على صدري يرهق أنفاسي. كنت عائدا من البيار حيث أقضي يومي بطلا للحي, عدت منتشيا بفوزي الكاسح على منافس الدرب المجاور. دخلت المنزل فوجدت الجميع بانتظاري.
ولأني كنت متعبا تهاويت على الكرسي البلاستيكي وسط الدائرة. والدي أمامي، أخي عن اليمين، وأخي الآخر عن اليسار فيما كانت والدتي ورائي تطرز جلبابا صوفيا.
 غدا ستذهب لتقديم طلب الحصول على البطاقة الوطنية وإلا ستطرد. هكذا كلمني من دون مقدمات والدي الغاضب.
قلت مستغربا: كيف ستطردني من المنزل؟ وابتسمت.
ليس من المنزل، بل من المدينة كلها، ولست أنا من سيفعل. القانون الأول للثورة الجديدة يفرض ذلك. بدل أن تضيع وقتك ونقودي في البيار كل يوم. غدا ستقدم الطلب.
تحدث أخي الجالس على يميني بصوته البارد الوقور: لن يستغرق الأمر طويلا أم تريد أن تعيش باقي عمرك بعيدا عنا تائها!
كنت سأعترض، فقد ضربت موعدا مع منافس الدرب الشرقي في نفس الوقت، لكن الأمر يبدو ملحا وخطيرا وقد أنهيه بسرعة وأعود إلى البيار.
قبل أن أخلد إلى النوم ذكرتني أمي بأن أوصل الخبز أولا في الصباح قبل أن أقدم الطلب.

مررت  من أمام السقاية العمومية، اشتريت الحلوى، وعرجت على الفرن لأضع الخبز.
مهمة مضنية ترهقني كل يوم. أحس وكأنني أحمل العالم وأنا أنظر إلى العجين الأبيض المنتفخ الذي يتحرك يمينا وشمالا .تلتصق خبزة بأخرى ويعجبني منظرهما وهما متعانقتان حب فطري كحميمية سائقين ليلا وهما يلتقيان على الطريق. لم يسبق لي أن أسقطت الطبق. أمر قافزا على الحفرة الكبرى تعقبها عتبة مرتفعة أتجاوزها بخفة. كل صباح أقول لن أسقطه، يرتفع الضغط وتتزايد أنفاسي بسرعة وأنا أقترب من العتبة المرتفعة وأتخيلني حصانا قافزا على الحواجز أرفع القدم اليمنى ببطء ثم تتبعها اليسرى برشاقة فتسري رعشة خفيفة بالانتصار وأرمي العالم من يدي على ساعدي الفران.

بعد ذلك سلكت الطريق الساحلي، رائحة البحر حادة كنصل سكين. هذا الكائن الرمادي، أريد أن أكون شبيهه لا تربة تحتي ولا فوقي، سابحا أطير، أقاتل الهواء والزرقة، وهذا الفضاء لحافي، لا لون يخيفني، لا صوت يعلن نهاية خطواتي، لا عيون تنهش جسدي وتستبق أحلامي . بالونة في السماء ولا إبرة تنخر تاريخي وتعريني من الاستواء إلى الاستواء. سلم علي واعصر يدي. ألمي هوية الضائع.
أنا لا أعرف سوى شعاع البيار لا آبه لا لمطر ولا لتاريخ صحيفة ولا لخبر انقلاب ولا لموت زعيم ولا للون ثورة. بائع الحلوى يعرفني لا زال مخاط أنفي مرسوما على الحائط المقابل للمدرسة، لو كان الحي يطوى لجمعته وخبأته في جيبي وغادرت المدينة والعالم بلا ندم.

دخلت البناية، حيطان نهشتها الرطوبة ورائحة الزفت تقتحم صدري .كنت أسعل بلاإرادية وأضع كم قميصي على أنفي الى أن انتبهت إلى اتساخه فكنت مضطرا إلى اخفاء يدي في جيب سروالي.
تجاوزت الباب الفسيح واتجهت إلى غرفة زجاجية كتب عليها استقبال وإرشاد. الزجاج ممسوح بعناية كبيرة، تقدمت  بسرعة، وقفت أمام النافذة المفتوحة، كانوا اثنين يشربان الشاي لم يرفعا رأسيهما.
سألني الأقرب إلي : أعطني بطاقة الهوية.
 - ليست لدي.
 - اذهب ولا تعد إلا بها.
 - أنا أريد استخلاص بطاقة هويتي.
 - الطابق الثالث الغرفة الأولى
كانت الأدراج مفتوحة أمامي، صعدت بخفة وأنا أمني النفس بعودة سريعة إلى الدرب.
كان المبنى خال من فوق رغم الأصوات المتعالية التي لم أستطع تحديد مصدرها، كنت وحيدا في ممر طويل لا تبدو نهايته، تجاوزت عمدا باب المصلحة المعنية ثم عدت وطرقت الباب وانتظرت إشارة الدخول.
لم يتأخر ذلك وبدت لي طريق العودة سالكة وقريبة.
الغرفة متسعة والجدران حديثة الطلاء بيضاء عاكسة للضوء الأصفر، لا صور أو ملصقات تعلوها، مكتب واحد وكرسيان جلس عليهما المكلفان أو العاملان أو الشرطيان أو... متى أعود إلى الحي؟
وقفت أمامهما. الأول يخفي تقاسيم وجهه بنظارات سوداء كبيرة و يضع قدما على المكتب الفسيح الفارغ، فيتبدى قاع حذائه وبه فجوة يطل منها جوربه الملون، إن سلمني البطاقة سأتوسط له عند الحاج الخراز. أما الآخر فيبصق باستمرار ويدخن بنهم كبير، غيمة رمادية تحول بيني وبينه.  كان يقلب صفحات جريدة قبل أن يبدأ في  تفحصي من أعلاي إلى أسفلي ثم من أسفلي إلى أعلاي. وجدت متعة في مسايرة نظراته .نظرت إلى حذائي الصدئ وسروالي الأحمر المفضل الذي أرتديه من دون حزام به ثقوب في الجيب الأيسر وصدفة ناقصة.
طالت مدة وقوفي. فبادرت بفتح شفتي إلا أن الثاني بصق بصوت مرتفع وكأنه يحذرني، ابتلعت ريقي وأحنيت رأسي إلى أسفل أنظر إلى البلاط بغباء.
مع مرور الدقائق بدأت أنفصل عن المكان وأفكر في البيار واللعبة الجديدة ومنافسي من الدرب المجاور والتقنيات الجديدة التي اكتشفتها.
وضعت يدي على الطاولة كان من الأفضل أن أبقى جالسا على كراسي الممر.
وأخيرا جاء الفرج ونطق الأول وبدت لي صورتي في البطاقة بجرح غائر على جبيني.
 - ماذا تريد ؟
 - أريد بطاقة الهوية.
 - يجب أن يأتي المعني بالأمر.
 - أنا هو.
 ـ ولماذا جئت اليوم بالضبط؟ سمعت إذن عن القانون الجديد. وأطفأ الثاني السيجارة بعصبية.
ارتبكت قليلا، أكيد لو لم يفرض علي أبي ذلك ويهددني بالطرد من الحي لما جئت إلى هنا. صمت ولم أجب وبدأت قدماي تتعبان من الوقوف.
- أأنت من مؤيدي ثورتنا المجيدة ؟
ـ أحب الثورات جميعها، خصوصا الوردية حيث تناثر البنفسج في كل مكان ولعبت مجانا في البيار وغنيت حتى الصباح. لكنها لم تدم سوى يوم واحد.
ـ أأنت إذن وردي؟
ـ نعم لكنني لست نمرا، أحب جميع الألوان أحب اللون الأحمر وليلا أحلم أنني جندي أومحارب، يتجاوز الجبال، يقطع الصحاري، بطل لا يقهر.
قاطعني الثاني وقال: أنت إذن تجيد استعمال السلاح.
لم أفهم سؤاله وأرجعت يدي إلى جيبي المثقوب وبدأت أفرك فخذي.
يقفز من على الكرسي ويبصق قربي .
- تحدث أي سلاح تجيد استعماله ؟
ابتسمت وقلت بهدوء : لا لست محاربا أحلم فقط لم أر سلاحا في حياتي.
كان ينظر باستمرار إلى يدي وهي تتحرك وكأنه يعتقد أني أخفي مدفعا صغيرا أخرجت كفي بسرعة وإذا به ينزل رأسه تحت المكتب.
مضت ساعة.
أريد بطاقة الهوية وأنا أنظر إلى نظارتي الأول بكل ثبات كما فعلت مع والدتي لما تركت الثانوية.
أخرج أوراقا بيضاء وقلم حبر وبدأ يكتب بعنف كبير وهو يقول:
- ليس من السهل الحصول على بطاقة الهوية.
- كل شيء يهون من أجل أن أبقى في الحي.
- لماذا تجاوزت باب المكتب وعدت بعد ذلك؟ تظن أننا لم نرك أيها الوردي.
فاجأني سؤاله، رفعت يدي اليمنى عن المكتب وأحسست بنمل يسري على وجنتي وحكة في ظهري، الباب قريب ولن يستطيعا اللحاق بي، لم أجبه.
- أنت تصعب الأمور. سبق لك وأن خالفت القانون، اعترف.
قلت بسرعة : أبدا.
تحدث الثاني: إني أعرفك جيدا ألا تسكن المنزل السفلي الأخير في  الحي الأصفر.
ازداد وضوح ارتباكي وكأني أحلم كيف يعرف؟ لم أره في حياتي أيكون، والدي قد سبقني وأوصى بي، احتمال مستبعد جدا. يقطع أفكاري صوت الأول الخشن.
- اعترف بسرعة.
- اشتهيت أستاذة في الإعدادي.
- كنت تراقبها وهي تغادر باب المؤسسة.
- كيف عرف ذلك؟ نعم لكني نبذتها منذ أحببت بطلة فيلم هندي، هي عشيقتي الآن.
- إذن تعترف باغتصابك للأستاذة وبخيانتها بعد ذلك.
لم أستوعب شيئا فإذا بالثاني يضع قدميه على الكرسي وركبتيه على المكتب ويقول : اقترب
لم أرد أن أبتعد أكثر عن الباب المفتوح .رائحة ألعن من الزفت تنبعث من جسده. يضيف بنبرة مستفزة:
- أتريد سيجارة؟
- أنا لا أدخن، ممكن كأس شاي.
يضحكان إلى أن تظهر أضراس الأول السوداء.
- أريد بطاقة الهوية أرجوكما.
- هل سئمت صحبتنا بهاته السرعة؟ ستدخن أمامنا، أكمل ماذا بعد الأستاذة؟
كرهت هاته اللعبة التافهة. الجوع يتسرب إلى خلاياي ويختلط بالدخان.
- في الابتدائي لم أخبر المعلمة عن صديقي الذي كان يرسمها عارية.
- أتعرف ابنة الحاج الكراب التي تسكن أمام دكان البقال؟
- كانت تصرخ كثيرا ويتحلق حولها شباب الحي، مرة يحملونها فوق الأكتاف ومرة يلتصقون بها حتى تغرز أظافرها في الجير الأبيض.
لم أقترب منها أبدا، ولا حدثتها ولا سألت عنها كانت تدرس معي في نفس الفصل وكانت تمضغ العلك بصوت مسموع وتحلق عانتها أثناء حصة الاجتماعيات صباح كل سبت.كانوا يقولون أنها تعاشر رجلا في سن أبيها.
- كيف تعاشره؟ نريد التفاصيل .
- لم أرهما ولا يهمني أمرها.
- ألم تكن تنظر إليها ليلا وهي عائدة كغيمة الخريف مثقلة بالعطور ؟
- أبدا أنا أشتهي ملوحة الفشار والبحر وأشعة البيار وهي ترتسم أمام عيني كل ليلة وفمي مفتوحا يقضم الهواء البارد.
- البطاقة للإنسان المؤمن بمبادئ ثورتنا.
كدت أسأله عن أي الثورات يتحدث؟ عن لونها لكني اختصرت الطريق وأجبت بحماسة كبيرة:
- أنا مؤمن  بجميع الألوان بكل ما تريد، بك أنت و الأستاذة، بدخان السجائر ورائحة الزفت، مؤمن  بجميع الثورات  منذ ولدت إلى الآن، أريد فقط البطاقة وأن أخرج من هنا.أريد أن أبقى في الدرب.
- ألديك صورة وأنت تؤيد ثورتنا المجيدة؟
- لم أكذب كنت أشرب الشاي الساخن وأمضي الصباح في البيار، وكلما سمعت الصراخ في الحي رافقت الجماهير الثورية إلى آخر الشارع وعدت إلى البيار قبل أن تضيع اللعبة.
نظر الأول إلى ساعته وهمس: حان وقتهما سأدخلها أولا. سنرى إن كان يقول الحقيقة.
وسمعت صوتا يشبه تفرقع الفشار  يقترب وتتزايد حدته. التفت ورأيت أستاذة الإعدادي وقد ازدادت جمالا. لم يتطلب مني الأمر غير ثوان. اندفعت نحو الباب المفتوح وركضت بسرعة أقفز الدرج وأتجاوز مدخل البناية الرئيسي. وكلما أردت الوقوف لالتقاط الأنفاس لا أجد إلا الزفت الثقيل وضحكات الأستاذة المتعالية تتبعني إلى أن وصلت إلى حينا .حينها اختفت إلى ما لا نهاية.

حصلت على البطاقة بعد أشهر.علمت كذلك أن الثورة الجديدة ألغت قانون الطرد. قبلت البطاقة وضعتها على رأسي ثم أعدت تقبيلها ورقصت قافزا حولها أريتها لجميع سكان الحي  وأخذت صورا لي وأنا أحملها.
أصابني الدوار وأنا أرى الصورة الشمسية في أعلى البطاقة.  ليست لي، لا تشبهني، لست أنا، ركضت إلى المرآة وتأكدت. الاسم والنسب ومقر السكن ليسوا لي، أكيد أخطأوا في البطاقة. أخبروني فيما بعد أن كل البطاقات كانت متشابهة، نفس الصورة والاسم والنسب للجميع، الأرقام فقط هي التي تختلف.
ذلك المساء وضعت البطاقة في الصندوق الحديدي ونظرت إلى العدم من فوق هضبة سيدي بوزيد. استنشقت هواء بحريا يغنيني عن الزفت والجير والدم ولا يسألني عن هويتي. صورتي تنطفئ في العدم في هاته المسافة القصيرة الطويلة ذرات متناثرة على النتوأت الصخرية الحادة.

بقلم: أيمن قشوشي

منشطو جامع الفنا.. أي مستقبل؟

             هاته التدوينة كتبت في إطار مجموعة من المواضيع حول جامع الفنا بعنوان: عين على الساحة


تعتبر جامع الفنا القلب النابض لمراكش، والعين التي لا تنام في هاته المدينة الحمراء. وتحتل الساحة مكانة جد مميزة في قلوب المراكشيين وفي أذهان كل السياح المغاربة والأجانب الذين سبق لهم زيارتها. فجامع الفنا التي تعتبر تراثا إنسانيا عالميا شفويا، تجمع في رحابها الفن والتاريخ والحضارة والثقافة والسياحة والتجارة والصناعة والمستقبل و..

إلا أن منشطي الساحة من "حلايقية " وغيرهم، يعانون من عدة مشاكل اجتماعية واقتصادية، تجعلهم يجاورون الفقر الذي يطالهم مع أسرهم. وقد كثر اللغط مؤخرا حول المنح المقدمة للساحة من طرف اليونيسكو، واستئثار بعض الأشخاص بها دون غيرهم مما أدى لنزاعات وصراعات مختلفة بين منشطي الساحة، أو بينهم وبين المسؤولين، وصل صداها لمحاكم المدينة الحمراء، وتحدثت عنها العديد من المنابر الاعلامية الوطنية والدولية.

في تجربة هي الأولى لي مع الMicro-trottoire، أقدم لكم مقتطفات من حوار بسيط حول الوضعية المزرية التي يعيشها منشطوا الساحة من حلايقية وعيساوة ونقاشات، مع تمنياتي أن تصل آهاتهم للمسؤولين ويستفيدوا كما البقية من خيرات جامع الفنا ومدينة مراكش. على أن أقدم لكم في مواضيع قادمة التفاصيل الدقيقة لما باح به بعض  فعاليات الساحة من أسرار حول الوضعية المهينة لهم.

               
الميكروطروتوار من تصوير محمد كرايمي، وتسجيل محمد معناوي. فشكرا جزيلا لهما.

لماذا يتزوج الخليجيون بالمغربيات؟


هـن..
في فترة سابقة من إحدى السنوات الماضية، راسلت إحدى الكاتبات الخليجيات عبر مقالة لها تم نشرها في العديد من المواقع العربية، وزير العدل المغربي السابق، تدعوه لوقف اكتساح سوق الزواج الخليجي من طرف المغربيات. طلبت منه بأسلوب مباشر، أن يسعى لتعقيد المساطر الادارية التي يخضع لها كل أجنبي حاول الزواج من بنات بلدي. معتقدة أن سهولة هاته الاجراءات ( وهذا أمر غير صحيح) هو الذي جعل رجالهن يهربون للمغرب من أجل الارتماء  في أحضان بناته.
منذ قرأت تلك المقالة، وأنا أسأل نفسي: لماذا لم ترسل تلك الكاتبة نفس الرسالة لوزير العدل في بلدها، كي يقوم بنفس الأمر مع رجالهم ويحمي نساؤهم من التعدد أو تحمل الضرة بسبب المغربيات؟
يبقى السؤال مطروحا طبعا..
بعدها بأشهر طويلة نشرت ناشطة أخرى مثيرة للجدل، مجموعة فيديوهات تعبر فيها بحرقة عن غضبها الشديد من المغربيات اللواتي يأتين للخليج لخطف رجالهن وتشتيت عائلاتهن. وبما أن صفات "السحر والشعوذة" و "الدعارة" صارت مرتبطة بالمغربيات، فلم تتوانى هاته السيدة عن استعمال هاته الصفات وهتك عرض ملايين النساء بأقدح النعوت والألفاظ. كل ذلك طبعا دفاعا عن بنات جلدها البريئات اللواتي يقعن هن وأزواجهن بين براثن المغربيات الساحرات المدعومات ببركات الفقهاء والأولياء المغاربة. (شايلآآآه أسبعة رجال)

هم..
حكى لي أحد الشباب من دولة خليجية عن سعادته الكبيرة لزواج والده بامرأة مغربية، وأكد أنها إنسانة جد طيبة وتهتم به وبوالده أكثر من أمه التي يعيش معها. كما عبر أكثر من مرة عن رغبته حينما ينهي دراسته بالزواج من مغربية كوالده، بالاضافة لزوجته ابنة بلده التي يعرفها منذ صغره. طبعا في اطار تطبيق مبدأ التعدد احتراما للسنة النبوية.

ولقد قرأت بالأمس مقتطفات من كتاب ذاع في الفترة الأخيرة في الشبكات العنكبوتية، مؤلفه مفكر كويتي أراد أن يقارن تجربته مع زوجاته الخليجيات بزوجته المغربية. وهاته مقاطع مما قرأت، ولكم أن تتصوروا ردود الأفعال من المغاربة والخليجيين على السواء:
" لماذا يتزوج الخليجيون بالمغربيات؟ كثيرا ما كنت أسمع هذا السؤال قبل زواجي من زوجتي المغربية بفترة... بعد أن وافقت على زواجي منها، قلت لها مداعبا: إنك تعرفين بأني متزوج من اثنتين قبلك، ويوجد لدي خانة رابعة فارغة للزواج، لذا قد أتزوج عليك في أي وقت. فابتسمت المغربية في وجهي وهي تقول: أنا لا أمانع أن تتزوج رابعة، لكن بشرط أن لا تكون مغربية.
حينما نعود للتاريخ نجد أن الخلفاء العباسيين الذين كانوا الأكثر انفتاحاً على الحظايا والجواري والحسناوات كانوا يفضلون “البربريات” على باقي الجنسيات. ثقافة الخليج هي خليط بين عادات الصحراء: تعاليم الاسلام الشرقي ومجتمع الترف ومضافاً إليه الكثير من البهارات الهندية والأمريكية. أما الثقافة المغربية فهي سلطة أخرى عادات البربر: عزة النفس وتعاليم الاسلام العربي ومجتمع الملكية والبهارات الفرنسية. وهذا ما يجعل مذاق الخليجيات مختلفا جدا عن مذاق المغربيات. 
وأنا أزعم بأن المغربية تميزت بأمرين أولهما: عشقها المطلق لأنوثتها، فهي تمارس أنوثتها من لبس ورقصٍ وطبخ وتنظيف وعناية بالرجل بكل حب وشغف. كما أنك تجد فيها طاقة كبيرة في إدارة شؤون الرجل المنزلية ولن تجد فيها أي توانٍ أو كسل، بعكس الخليجية التي تعودت على الكسل والخمول، فتبلغ الخامسة والعشرين وتتزوج ولم يسبق لها أن جربت غسيل الأطباق أو طبخ أكلة شعبية أو كنس المنزل. فطوال فترة زواجي بالمغربية، كان لي نصيب في الحمام المغربي مرتين أسبوعيا، وكان المنزل دائما مشرقا نظيفا، وأصناف الطواجن والكسكس والطنجيات وأصناف الزيتون تشبع عصافير بطني وتسعدها  على الدوام. 
ثانيهما: تقديسها وخضوعها للرجل، فهي ترى أن نجاحها مرهون في رسم ابتسامة رضى زوجها، وهي مستعدة لتحمل أي عبء إضافي مقابل راحته وتبحث دائما عن أسرار سعادة الرجل الحسية، وأعتقد بأن كل من الثقافة الفرنسية والبربرية لهما كبير الأثر في تكوين مثل هذا الطبع لدى المغربيات. ودائما ما كنت أتلذذ بلمسات زوجتي المغربية الحانية التي تصيب في مشاعري وقلبي أثرا، وهو ما افتقدته عند زوجتي الخليجية، فسألت المغربية يوما عن سر لمساتها وملاطفاتها، وكيف يمكن لها أن تؤثر عليّ بهذا الشكل، فأجابت بكل ذكاء : جسد الرجل كالفانوس السحري، كلما مسحت عليه برفق ولين أخرجت المارد الذي فيه.
فيا بنات الخليج.لا تلومونا ولوموا أنفسكم."

نــحـن..
أجد نفسي دوما حائرة في معرفة السبب الذي يجعل بعض المغربيات يرفضن الزواج من أبناء بلدهن ويبحث في بلدان المشرق العربي عن نصفهن الآخر، لم أكن أقتنع بخرافة الطمع أو المال التي كان يطلقها على مسامعي كل شاب مغربي أسأله هذا السؤال فيبرر لنفسه هذا الرفض. كنت أعرف فتيات فضلن رمي أنفسهن لزوج أجنبي وبلد غريب عنهن، وعرضن أنفسهن لمغامرة الزواج على ضرة أو الزواج العرفي أو حتى الدعارة، ولا أعرف سبب ذلك. أبتسم بصمت وأتذكر صديقة كانت تبحث بكل الوسائل عن زوج  عربي من خارج المغرب، تقول بأنها لا تهتم أبدا بالمال بل تريد الرومانسية والكلام الجميل، وهو أمر تفتقده كثيرا في شبان بلدها.. قد أختلف معها ربما في ما تقوله، لكني أقدر كثيرا جرأتها في اختيار رجل بسيط غير مغربي تكمل معه حياتها في بلد بعيد عن وطنها.

مازال للحديث بقية..



عيد سعيد

3ideee

عيدكم مبارك سعيد أيها الأصدقاء
تقبل الله منا ومنكم صيام الشهر الفضيل
عواشركم مبروكة والله يدخل عليكم هاد العيد بالصحة والسلامة وراحة البال ان شاء الله :)
تحياتي

دِيرْ ايدِّيكْ... مرة أخرى

حكت لي صديقة عن مشاركتها في أحد فعاليات مبادرة دِيرْ ايدِّيكْ المنظمة من طرف شركة إنوي للاتصالات، فقالت:

" أخذني الحماس وحب العمل الجمعوي للمشاركة في مبادرة تقرع لها طبول الإعلام منذ شهور، ويشهر لها فنانون معروفون. فدونت اسمي مثل العديد من الشباب بنية المساعدة في عمل خير ربما سيجل في كتابي يوم الحساب.
كانت انطلاقتنا بعد تأخر دام ساعتين، أركبونا حافلة مكيفة منمقة بسائق أنيق. كان المشاركون معنا شباب لم يتجاوز جلهم سن العشرين، كل واحد منهم يخفي سببا لمشاركته في (دير ايديك) تحت غطاء العمل التطوعي. أدهشتني بعض التصرفات الصبيانية من بعض المتطوعين وصلت لحد المجون الفاضح، لكني لمت عيني وسوء نيتي، وعاتبت نفسي على كثرة الملاحظات في شباب يريدون عيش شبابهم.
وصلنا لمقر جمعية معينة، ووزعونا على فريقين للبستنة والصباغة، أحببت أن أتعلم فنون هاته الأخيرة فاندمجت مع الصباغين. لم يغفل عن عيني أن ألاحظ  أن الحيطان التي طلب منا إعادة صبغها كانت في حالة جد جيدة وأحسن من جدران بيتنا!! زاد استغرابي واستهجاني بعد أن رأيت أمورا عديدة تغضب كل عاشق للعمل التطوعي، فالأغطية التي وقفنا عليها حفاظا على الأرضية كانت جد مكلفة، و أدوات الصباغة اللازمة والإضافية كانت من النوع الرفيع الذي يباع في أرقى المراكز التجارية. مصاريف عديدة كانت تستعمل تحت غطاء العمل التطوعي، بينما كان هناك الكثيرون من المعوزين أو الجمعيات الفقيرة ممن يحتاجون حقا لمبالغ أقل منها.
أتممت صباغتي تحت أصوات موسيقى جد صاخبة، وشاب يتنطط ويدعو الناس للرقص وكأنهم قدموا ليهزوا أردافهم لا ليساعدوا الغير. لم يفته أبدا أن يطلق ترهاته اللفظية على الفتيات المشاركات هناك، واللواتي لم يسلمن من تحرش طالهن من مشاركين آخرين ومن منظمين وحتى من الصباغين الذين يفترض بهم أن يساعدوا الشباب في تأدية واجبهم.
لقد حاولت بمشاركتي في مبادرة دير ايديك، أن أعيش تجربة جديدة في عالم التطوع، أفيد بها الآخرين وأستفيد أنا أيضا، لكن الاستهتار الذي رأيته جعلني أعيد التفكير مئات المرات في أي خطوة أقوم بها في هذا المجال، مع شركات كبيرة تحاول تلميع اسمها على حساب آهات وآلام الناس البسطاء. "

هذا ما سمعته على لسان صديقتي، أما أنا فقد كان لي حماس سابق في المساهمة في هاته المبادرة، غير أن الظروف لم تساعدني في وقتها. هل سأخوض التجربة يوما ما؟؟ ربما نعم.. وربما...

تدوينة تلفزيونية تافهة

غبت عن التدوين مدونة طويلة ( على الأقل بالنسبة لي) امتنع فيها قلمي مرة أخرى عن خط حرف رغم أن بالي تشغله أمور كثيرة تمنيت لو أني أتقاسمها معكم.
ولكي أعذب هذا القلم العنيد مثلما عذبني، قررت أن أكتب به تدوينة تافهة:)
حسنا، نحن في أيام رمضان الفضيل، شهر العبادة والأخلاق والمحاسن، فما التافه الذي يعكر صفو الشهر المبارك، والذي أستطيع أن أكتب عنه هنا.. هممممم..
طبعا لن أجد أفضل من البرامج والمسلسلات الرمضانية، توكلنا عالله..

أزيد من ستين مسلسلا مصريا وثلاثين مسلسلا خليجيا وأحد عشرة مسلسلا سوريا ( لن أتحدث طبعا عن مسلسلاتنا المغربية) كانت حصيلة الانتاج الدرامي في هذا الشهر الفضيل. وضعت بداية لائحة بثلاث مسلسلات أردت متابعتها: "الإخوة الأعداء" المأخوذ عن الرواية العالمية الإخوة كارامازوف للكاتب الروسي فيودور دوستويفسكي، و"فرقة ناجي عطا الله" لعادل إمام وأخيرا المسلسل التاريخي "عمر" والذي نال أكبر قدر من اللغط هذا الشهر.
في نهاية المطاف لائحتي تقلصت لمسلسل واحد بسبب الوقت وبعد أن عاينت الأخطاء والهفوات التي انتهجت في مسلسل الزعيم كما يلقبونه، والضحك على الذقون التي استعمله في مسلسل خال جدا من الواقعية والمنطقية، بتقديم معلومات خاطئة ومبالغة عن اليهود من جهة وعن القضايا العربية المهمة من جهة أخرى. ما قيل أن هذا المسلسل التافه يمثله كان بكل بساطة كذبة كبيرة، فناجي عطا الله سيد التطبيع الذي جمع ثروته من إدارة صالة قمار والربى والرشوة يشكل مثالا سيئا للشخصية العربية التي تدافع عن قضايانا وعلى رأسها القضية الفلسطينية. 
الآن لا أتابع إلا مسلسلا وحيدا، هو سيرة الفاروق رضي الله عنه "عمر"، رغم أني لاحظت بداية أن المخرج تأثر كثيرا بفيلم الرسالة لمصطفى العقاد، فجسد نفس الرؤية للهجرة النبوية وقبلا لإسلام آل ياسر ومؤذن الرسول بلال بن رباح. زد على ذلك أني غضبت كثيرا لتجسيد خليفة المسلمين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، تماما بنفس التصور الذي نجده في الرسومات التي يضعها الشيعة له.
ولكن على العموم يبقى المسلسل مميزا، فقد عرفنا أكثر بسيرتنا النبوية وأضاف لنا معلومات عن صحابة كثر كنا نجهلهم، ويعتبر اضافة كبيرة للمسلمين ورسالتهم. (إذا ما عرفوا كيف يستفيدون منه).

نستمر في سرد التوافه الرمضانية وهاته المرة مع برامج الكاميرا الخفية، من خلال ثلاث نماذج تعرفت عليها مؤخرا ( طبعا ليست مغربية).
رامز قلب الأسد:
 استغل فيها الممثل الشاب الظرفية السيئة التي كانت تمر بها مصر بعد الثورة، فجعل فريقه الانتاجي يخسر عشرات الآلاف من الجنيهات كل حلقة كي يخلق الذعر في قلب ضيوفه الضحايا من أصدقائه المشاهير، وذلك عن طريق محاول خطف وهمية للحافلة السياحية التي تقلهم. لا أدري لماذا كنت أشعر بالرعب كلما شاهدته، خصوصا أن بعض الضحايا قد يصابون بسكتة قلبية بعد أن يعيشوا ما عاشوه، ولا أدري لماذا يسكتون عن مثل هاته البرامج التافهة والتي يساهم السماح ببثها في تشجيع عودتها مرة بعد أخرى.. ربما السبب هو المبالغ الخيالية التي يأخذونها كتعويض عن إرهابهم :)

مراتي في ورطة:
برنامج مصري للكاميرا الخفية يمتحن غيرة الزوجة بعد أن تعرف أن المذيعة كانت حبيبة سابقة لزوجها(بتواطؤ مع الزوج طبعا). كما قال المسؤولون عن البرنامج، فالأزواج كلهم عبروا عن رغبتهم في توريط زوجاتهم واختبار سُلَّم الغيرة عندهن، ولم يبالي أي واحد منهم بجرح مشاعر زوجته أو الخوف عليها، جميع الزوجات تضحكن في النهاية وتسامحن أزواجهن.. أتساءل فقط كيف سيكون سُلَّم كلمة ( أنت طالق)، اذا ما كان اسم البرنامج ( زوجي في ورطة..)?

وأخيرا الحكم بعد المزاولة:
الضيوف يشاركون في برنامج حوار بدعم من قناة ألمانية، يكتشفون بعد توالي الأسئلة أن القناة المستضيفة اسرائيلية والمنتجين والمذيعة يهود. تضحكني ردود الأفعال في هذا البرنامج، مثلما يضحكني جهل العديد من الضيوف بقضايا بلدهم وبمستواها مقارنة مع اسرائيل. جل الضيوف لم يستسيغوا فكرة التواجد بقناة اسرائيلية لكن بعضهم لم يستسغ فقط ألا يتم اعلامه بالأمر..
ولكم الحكم بعد المشاهدة..

تدوينتي تافهة أليس كذلك ؟؟


رمضان كريم

ramadan
أصدقائي،
رمضان مبارك سعيد
أدخله الله عليكم بالصحة والعافية والرحمة والمغفرة وأعاننا على صيامه وقيامه.
تقبل الله من الجميع
تحيتي


هنا وهناك

هنا..
صنعنا مسرحية بطلها أشخاص تحملوا مسؤولية. قلنا لهم نحن السند، وفي أول منعطف نهشنا لحومهم حتى العظم. من قال إن القوافل تستطيع السير بسهولة إذا ما استمر نباح الكلاب؟؟؟!!!

هناك..
يجعلون الفايسبوك أسهما تنخفض. يشهرون المجانية ويطلبون منا مقابل الأفكار. طبعا فهي من قدمت التغيير الذي نادى به رئيسهم وجسدناه نحن على أرض واقع نفخ جيوبهم ورخص أصواتنا. متى يبدأ موسم الهجرة؟؟؟!!!

هنا..
شباب يحترف الذكاء في الغباء، ويصنع مستقبلا مبني على قش أساسه الغش. نعلق شماعة نذالتنا على نظام "بابوبي" فاشل سنزين نعشه الفاشل إذا ما صدقنا بأن الغاية تبرر الوسيلة..

هناك..
شكرا للحبيب وزين، فقد صنعوا شعبا رائعا عرف كيف يثور ويطرد ويختار ويقرر ويحترم ويتحمل مسؤولية قراراته. أخبروني متى تبدأ الانتخابات الليبية؟؟

هنا..
أنصت باهتمام لتعامل القمر والليف.. أعتقد أحيانا أنه يجب أن نُتفِّه الأشياء حتى يفهمها الناس.
هناك..
تركت ذكرياتي وابتساماتي.. هل سأعود يوما.. هل سيعودون يوما.. كل شيء ممكن ..

رسائل عن التحرش الجنسي (10)

تخفي كل واحدة من بنات حواء في داخلها حكاية عاشتها بتفاصيل معينة، كان بطلها "ذكر" متحرش ( أو أنثى أحيانا)، وكانت هي الضحية التي لم تستطع مقاومة هذا التحرش أو حتى الحديث عنه ومواجهته.
وقد يخفي بعض الرجال (أو ربما يبوحون بذلك)، تفاصيلا عن قصص عاشوها عن متحرشين جنسيا أو كانوا هم أبطالها.

لكل من تريد الحديث عن حكايتها مع المتحرشين، ولكل من يريد البوح بتعرضه للتحرش الجنسي، المرجو مراسلتي على البريد الالكتروني التالي: marrokia2000@yahoo.fr
 

الرسالة العاشرة:

قصة غريبة هاته التي سأحكيها، فلا المتحرِّش كان ظالما ولا المتحرَّش بها كانت مظلومة. لم أعرف جديتها من عدمه ولا صدقها من عدمه، لكني قررت مشاركتكم إياها لأنها جزء من واقع وقد يشهد أحداثها أي واحد في هذا العالم الغريب.
الحكاية بسيطة جدا: فتاة شابة تعاني من التهاب اللوزتين، قررت زيارة طبيب من أجل تلقي العلاج. كان الطبيب شابا حديث التخرج، أقفل الباب وعاين المريضة ومنحها وصفة الدواء. بعد أن همت بالخروج طلب منها بكل أدب قبل أن تخرج, وبعد أن فتح حزام بنطلونه، أن تقوم بتدليك ظهره (massage)، حاولت التهرب بشتى الطرق ( ولا أعرف ما هي هاته الطرق)، لكن مع إصراره اضطرت أن تقوم بدور المدلكة للطبيب الشاب.. طبعا لم ينتهي الأمر عند هذا الحد، فالعملية قد رافقتها العديد من التلميحات والإيحاءات والكلام المعسول في مقابل صمت تام للمريضة.

ولكم حرية التعليق..

أرْزٌ وفيروز



ساقتني الأقدار في تلك الأيام إلى مغامرة جميلة، وكان ذلك الوطن الرائع أول بلد عربي أزوره خارج مغربي، فقضيت فيه أربعة أيام من السعادة والمتعة، كما اكتشفت فيه جانبا جديدا من أصدقاء شاركوني الرحلة الفريدة.
ليل العاصمة كان مختلفا، صمت كبير ومحلات مقفلة. تزامنت زيارتنا مع نهاية الأسبوع ومع حظر تجول يبدأ من الخامسة في أهم منطقة تجارية وسياحية وسط العاصمة، بسبب موضة الاضطرابات السياسية التي تجتاح عالمنا العربي. لكننا سرقنا لحظات قليلة بعد منتصف الليل لنزور بحرا صافيا هادئا، امتد برونقه الجميل بين جبال عالية، جعلت المنظر رائعا ومميزا وجعلتنا نقاوم غصبا عنا، رغبة في الارتماء بين أحضان الأمواج الهادئة.
هو بلد صغير بامكانيات كبيرة وواقع أفضل بكثير مما يصل إلى مسامعنا من أحكام مسبقة عنه. اختلاف أحياء عاصمته بين التي تضم عمارات شامخة ومذهلة تجاورها منازل صغيرة عادية، جعلني أتذكر مدينة الدار البيضاء والتي يعرفها أبناء هذا البلد فقط باسم ( كازابلانكا).
ذهلت كثيرا من السرعة المفرطة التي يسير بها السائقون بين الطرق الجبلية هناك، ومعها الغياب الشبه تام لإشارات وشرطة المرور، فقط لاحظنا وجود بعض عناصر الجيش يقفون أحيانا لتنظيم السير في بعض المناطق المزدحمة. وبالمقابل ولحسن الحظ، فالناس هناك يحترمون الأسبقية في مرورهم، ولا يطلقون كلاكسوناتهم الا نادرا مما جعل عدد حوادث السير قليلا جدا مقارنة بالدول التي تحطم أرقاما قياسية في ضحايا حرب الطرق.
لم نتمكن للأسف من زيارة الأماكن الأثرية والعجائب الطبيعية في هذا البلد الجميل، لكن رأينا ما هو أروع. فأجمل شيء في أي وطن هم ناسه. عشنا في حي بأغلبية مسيحية، رأينا طيبة الناس هناك وانفتاحهم وكرمهم الكبير وسعادتهم بوجودنا بينهم. روح النكتة كانت ترافقهم فتآلفت قلوبنا المراكشية معهم. تلقائيتهم جعلتنا نتصرف بتلقائية أكبر.
 لطالما أعجبت بهذا البلد الذي يضم عددا كبيرا من الطوائف المختلفة، أزيد من 30 طائفة ( منها 18 معترف بها رسميا) تعيش في مساحة صغيرة لا تتجاوز المسافة بين شمالها وجنوبها ال 250 كلم. لكنهم استطاعوا بعد أن ملوا الصراعات الأهلية، أن يحييوا متسامحين متعايشين، يحاولون الاتحاد مع بعضهم. ولا يفزع بالهم إلا الخوف من جيران يحيطونهم، وقد يتسببون في أي لحظة بتشتيت شملهم وتكسير وحدتهم.
لن أسرد تفاصيل كثيرة، ولن أضيف كلمات تجعلني لا أستطيع أن أوفي هذا البلد حقه من الروعة والتميز..فبالي يحب الاحتفاظ والتلذذ بذكريات جميلة رائعة لن أنساها ما حييت، قضيتها في بلاد الأرز الجميلة..
شكرا لبنان على كل شيء..

                                 

مصدر الصورة: هنا

كيف تصبح دكتاتورا في ساعة


لطالما أعجبني الأسلوب الذي كان يستعمله الناس في بعض العناوين لجعلها جذابة ومثيرة ومشوقة: كيف تتعلم السنسكريتية من دون معلم؟ كيف تصبح فرنسيا بدون زيارة باريس؟ كيف تصبحين أنجلينا جولي بدون براد بيت؟ كيف تصطادين زوجا في عشرة أعوام؟ وكيف تصبح مشهورا في دقائق؟..
لذا قررت أنا أيضا اختيار عنوان ظننته مثيرا رغم أني لم أستسغه: كيف تصبح ديكتاتورا في ساعة؟؟
ولا تسألوني لماذا "ساعة " بالضبط، لأني حقا لا أعرف، اجعلوها دقيقة، أو شهرا أو عاما أو لاشيء...
أما الديكتاتور فأيضا لا أعرف لماذا اخترته، رغم أني جربت العديد من الأوصاف قبله: كيف تصبح معتوها، غبيا، مجنونا، مخبولا، مشهورا....الخ. فمع كل الصفات السيئة التي تعترينا، ومهما لبسنا أقنعة النزاهة والدموقراطية، نبقى اقصائيين ودكتاتوريين مع أنفسنا.. هذا هو حال بني البشر.

ولكي تصبح ديكتاتورا، يجب أن تعيش بين شعب لين لا يعرف قول كلمة لا. ولكي تجعل شعبا لينا وخاضعا يجب أن تبدأ بإقصاء كل من يستطيعون وضع العقبات في طريقك الديكتاتوري، ربما قد تنجح معك هاته الخطوات التي صار يستعملها كل من حمل الثورة شعارا له وأراد في وهمه الدفاع عنها:
- استهجن الناس الذين اختاروا حزبا اسلاميا ليقودهم، فهم جهلاء فقراء صوتوا على من فتح لهم أكبر عدد ممكن من موائد الرحمن وليس فيهم من اختار وقرر ويريد تحمل مسؤولية اختياره.. لا مكان للفقراء في عالمنا الديكتاتوري.
- اسجن الناس الذين اختاروا حزبا ينتمي للنظام السابق واعزلهم، لأنهم لم يحترموا الثورة التي بنيت على جثة بوعزيزي أحرق نفسه ليحرر الشعوب العربية من طغاتها. وهؤلاء الذين أعادونا للنظام القديم هم خونة يجب التخلص منهم ومن اختياراتهم.. لا مكان للفلول في عالمنا الديكتاتوري.
- أحرِقْ كل من يساند النظام والمخزن، بعد الثورة كل الأنظمة يجب أن تسقط ولو كان وجودها يضمن استقرار البلد. سقوط الأنظمة صار موضة لذا يجب أن يلبس الجميع من تلك الموضة، ومن لم يعجبه الأمر فهو عميل وبلطجي ومخزني و...و.. ولا مكان لهؤلاء في عالمنا الديكتاتوري.
- ساند الأقليات لأنهم أقليات، ففي مساندة حرياتهم الفردية إرضاء لمن نطلب رضاهم ( تعرفونهم طبعا). اذبح بقرة في قلب الهند، فقط لأنك تهوى أكل طحالها في مدينة كربلاء.
- لا تنسى أيضا أن تعارض موازين، لأن ماريا كاري (التي تشاهد كليباتها خفية في يوتيوب) تهز أردافها فيه كمافعلت قبلها عزيزتنا شاكيرا. فقط ثلاثة ملايين حضروا حفلات المهرجان وأضعاف أضعاف هذا الرقم شاهدوها في قنواتنا لكن أيضا 3076 مغربي يرفضونه، ويجب احترام حريتهم والوقوف معه، لأنها أيضا أقليات، وأنت تعهدت أن تدافع عن حقوق الأقليات.

بعد أن تقصي من شعبك المصطنع، الفقراء وضعاف الحال والإسلاميين، و من حضروا حفلات موازين، ومن صوتوا للفلول ومن عارضوا احتجاجات المعطلين ومن دعموا بن كيران، والمخزنيين الذين مجدوا الملك، والحياديين الذين لم يدلوا برأيهم في القضايا المصيرية وعاملة التنظيف التي لا تبالي بالسياسة. بعد إقصاء كل هؤلاء وكل من يعارض ميولاتك، ستصنع شعبا جديدا يشاركك فيه مثليون وعلمانيون وملحدون وثوريون ( حسب مفهومك للثورة طبعا) وسينتولوجيون و..... وكل ما تشتهي نفسك، ستكون قادرا بعدها على العيش كمعتوه حقق ما أراده من ثورة ديكتاتورية صنعها في وهمه.

نقطة بداية.


أسمع وأرى وأتكلم


منذ أن قررت يوما أني لن أهتم بما يجري حولي من أحداث سياسية مزعجة، جعلتني أعتزل الخوض في تفاصيل هاته اللعبة القذرة، وأنا أقرأ وأسمع تعليقات لأشخاص أرادوا امتهان السياسة فجعلوها ألعوبتهم وعينوا أنفسهم ملاحظين ومعلقين على كل الأحداث العربية والمغربية الكارثية التي نعيشها في عصرنا هذا.

أريد حلا

سأحكي لكم اليوم يا أصدقائي قصة بلساني، لإنسانة لا أعرفها ولا تعرفني، طلبت المساعدة بعد أن نصحها أحد المدونين بمراسلتي. حكت لي مشكلتها، وتمنت إيجاد حل لها في أقرب فرصة ممكنة، أرادت فقط أن يزودها القراء بمعلومات ونصائح قد تساعدها على استرجاع كرامتها.. ونفسها..

سناء المغربية



ومن الصحافة ما اغتصب..

سأسمي نفسي أمل (اسم مستعار طبعا)، فالأمل هو الذي أعيش عليه كل يوم منذ أن أصبحت أعرف أنني امرأة تشارك سكان الأرض العيش في هاته الدنيا الغريبة.
أنا انسانة من ذوي الإحتياجات الخاصة، كما تحب الجمعيات مناداتي، ومعاقة كما يناديني الناس في الواقع. أحب عيش حياة عادية بتجاربها الحلوة والمرة، فاتخذت  من أملي وطموحي الدائمين دافعان كبيران جعلاني أحس نفسي إنسانة مميزة تجاوزت إعاقتها وحصلت على مستوى مميز من التعليم والثقافة.
كان حلم كتابة سيرة ذاتية لي يراودني، تمنيت أن أروي قصة حياتي لأشخاص كثر كي يستفيدوا منها، ولم أعرف أبدا كيف أحقق هذا الأمل، حتى التقيت به يوما في أحد التجمعات الثقافية..
كان صحفيا معروفا وأستاذا في ما يسمونه تنمية بشرية أو تطويرا ذاتيا، شرحت له فكرتي وحاولت أن أوصل له أملي. تحمس للفكرة وبدأ في سرد حسناتي وميزاتي، شعرت في كلماته بنوع من الغزل المبالغ فيه، لكني كنت أعرف أن المجاملة من صفات بني البشر. قدم لي بطاقته لأتصل به في أقرب فرصة ممكنة كي نبدأ معا تأليف الكتاب الذي يضم سيرتي الذاتية.
لم أكن من النوع الذي يتصل دوما بأشخاص لايعرفهم منذ المرة الأولى حتى لا أسبب أي احراج لهم، وحاولت مع هذا الرجل أن أترك أملي معلقا للقاء آخر، وخصوصا أن مشاركتي في العمل الجمعوي ستجعلني أقابله مرات عديدة قادمة.
وكذلك كان حينما التقيته صدفة مرة أخرى، استفسرني عن عدم اتصالي به فأخبرته بالسبب. جدد تحمسه لفكرتي ومعه اعجابه بي، وحددنا موعدا في مقهى قريب كي نبدأ العمل على الكتاب معا.
التقينا في الصباح الباكر، تحدثنا عن قصة حياتي، كيف تحولت إعاقتي لحافز جعلني أتقدم أكثر فأكثر. كيف واجهت تحديات المرض ونظرات الناس وأحكامهم المسبقة لمظهري الغير عادي، وصنعت من نفسي إنسانة مستقلة طموحة. حددنا عنوانا للكتاب وودعته قبل أن يستأذنني بإيصالي قرب حينا بدراجته النارية، ترددت قليلا قبل أن أوافق، فربما قد يخفف عني عناء الطريق تحت الشمس الحارة.
حرك دراجته في اتجاه لم أعرفه، استفسرته عن الأمر لكنه التزم الصمت، طلبت منه إنزالي لكنه رفض، لم أستطع القفز من دراجته بسبب إعاقتي قبل أن أدرك أننا قد وصلنا لغابة في ضواحي المدينة.
حاول الصحفي لمسي لكني رفضت، حاولتُ الصراخ لكن المكان كان أشبه بالقفار. بدأ يقوم بحركات ذات إيحاء ات جنسية، حاولتُ أن أتوسل له كي يتوقف لكنه استمر في فعله كحيوان هائج، وبعد أن أعياه رفضي، قام بخلع سرواله وبدأ في الاستمناء.. مشهد مقزز تحملته بتوسلات لم يسمعها، فقد بدأ يفرغ كبته بحركات وكلمات تزيد من هيجانه أكثر وتزيد من خوفي أكثر وأكثر.

وبعد أن حصل ذلك الصحفي على شهوته من أفعاله، وحصلت أنا على نصيبي من خوف بأن تهاجمني غريزته الحيوانية، أمضيت شهرا كاملا وأنا طريحة الفراش، أفكر في مصابي. من هذا الشخص الذي أمنته على ذكرياتي فاستغل إعاقتي وعجزي، لم يفقدني بكارتي أو يلمسني بسبب مقاومتي ورفضي، لكنه اغتصب في داخلي كل إحساس جميل بالأمان، اغتصبني بأفعاله الذي جعلتني أعيش الرعب والخوف على حياتي التي صارت مهددة بعد أن صار اعترافي أيضا يهدده كشخصية معروفة في المجالين الثقافي والجمعوي.
بعد أن قضيت سنوات حياتي أحاول التأقلم مع واقعي والعيش بطبيعية، أحسست بعد ما مررت به قبل شهر بعجزي الكبير، علمت معنى أن أكون انسانة معاقة لا تعرف كيف تدافع عن نفسها.
لم أحك لكم قصتي لتأخذوا منها العبرة وتفصلوها حسب مزاجكم، أريد منكم حلولا حقيقية، أريد التعرف على جمعيات تستطيع مساعدتي في الانتقام من هذا الشخص وإطفاء نيران الظلم التي شعرت بها. أريد أن أبلغ رسالتي لأكبر عدد ممكن من الناس دون أن يتمكن هو من الانتقام مني..
ساعدوني أرجوكم...
أريد حلا..

ارتاحوا..لقد مات



قبل أربع سنوات، كتبت كلمات قليلة في أحد المنتديات الكروية، أرثي فيها مشجعا مراكشيا، كان قد توفي رحمه الله في مدينة آسفي بعد أحداث شغب عاشتها إحدى مباريات كرة القدم اللعينة.. والآن بعد مرور كل هذا الوقت، كان آخر ما جادت به ملاعبنا، مشجع لنادي الوداد البيضاوي، لقي حتفه في ريعان شبابه، وسط أمنيين ومشجعين ومشاغبين وأبرياء اجتمعوا في ملعب واحد صمم أساسا من أجل الكرة والفرجة. للأسف انتشر الشغب أكثر، وتخلفت العقليات أكثر وبدأ عدد قتلى المباريات يرتفع للعشرات ليستمر النزيف أكثر فأكثر..
إلى الذين لوثوا أيديهم بقتل صديقي (مرة أخرى)، أقول...سامحكم الله

أتمنى أن تجدوا السكينة الآن، فها هو قد مات... إنه ضحيتكم الجديدة التي لا علاقة لها بالعداوة الفارغة التي زرعتموها بأنفسكم بدون سبب، والتي خلفت ضحايا كثر، ذنبهم الوحيد أنهم أحبوا الكرة وأحبوا فرقهم..
كان مجرد مشجع عادي يهوى الكرة اللعينة، واكب طيلة سنوات حياته على حب فريقه، فكان يسافر أينما حل وارتحل، رفقة صديقه الوفي، مشجعا لا مخربا، مبتعدا عن كل ما قد يسيء لسمعته أو سمعة مدينته أو فريقه.. مجرد محب لفريقه حتى النخاع.
وها هو يلفظ أنفاسه الاخيرة بين أحضان صديقه، في ملعب شهد فيه دموع فرح ودموع بكاء، لحظات غضب ولحظات سرور، ولم يكن يتصور أنه قد يلقى حتفه في ذلك الملعب يوما ما. بعدما أصابته ضربة الغدر، لم يعرف أبدا من صاحبها، هل من مشجعي فريقه أم من محبي الخصم أم من رجل مهمته الوحيدة زرع الأمن في الملعب؟؟؟؟

صديقي قد مات الآن أو بالأحرى قُتِلَ، والقاتل غير معروف. والسبب أيضا يجهله الناس أو ربما يتجاهلونه، فيرمون التهمة على خلافات تافهة لا ندري كيف بدأت بين فريقين جعلا مدنهما تعيش حالة استنفار كلما قربت مبارياتهما معا. ويتهمون أيضا شبابا ومراهقين (سنا وعقلا)، جهزوا في كل لقاء عدتهم المهلوسة لسفك دماء أكبر عدد ممكن من ضحاياهم.. وقد يشركون في جرائمهم هاته أيضا أمنيين كلفوا بإنهاء المباراة بأقل الخسائر، فوجدوا أنفسهم يُستَفزون ويهانون ويرمون بالقاذورات، ليردوا الصاع صاعين، بإهانات وركلات ورمي بالهراوات.
ارتح في قبرك صديقي، فقد أحببت فريقك ومت حبا له. أما من قتلوك، فقد حملوا على أعتاقهم ذنب ملايين الناس الذين لوثت سمعتهم وأعراضهم في نزاعات بإشارات لا معنى لها، ولأسباب واهية أتحدى أي واحد أن يقنعني بها، أو يجعلها مبررا لقتل صديقي..
رحمك الله..

ملحوظة لا بد منها: هاته التدوينة لا تتحدث عن شخص معين بل عن جميع ضحايا شغب الملاعب المغربية.



سارق البيتزا



بدأت الحكاية عندما قرر المدونون المغاربة على هامش ملتقاهم بمدينة النوارس، القيام بزيارة لجمعية "دارنا" لإيواء الأطفال في وضعية صعبة، من أجل التبرع ببعض الكتب والقصيصات لإغناء مكتبة الأطفال هناك. اقتنينا بعض القصص المصورة وجلنا مدينة الصويرة في اتجاه الجمعية المذكورة. وأثناء مسيرنا، نبهنا المدون خالد التاقي، لوجود قصة مصورة صغيرة عنوانها (سارق البيتزا)، وأكد على ضرورة عدم منحها للأطفال بسبب عنوانها الدال على مضمون لا يدعو للاطمئنان. اعترضنا بداية أنا وطه والآخرون، على رأيه قبل أن نقرر قراءة القصة لنقطع الشك باليقين ونؤكد إن كانت تحوي مبادئ أعظم من عنوان يدعو للسرقة.
وكان الطامة الكبرى بعد قراءتي للقصة المصورة كاملة، وجدت بعض الأفكار التي ترى في بساطتها عادية، لكنها تحمل قيما لا يريد أي واحد منا إيصالها لأطفاله: دعوة للسرقة، دعوة للأكل بشراهة، عدم معاقبة السارق، التحايل على الحقيقة، الكذب، تغطية السرقة بحجج واهية..
بحثت في ذاكرتي عن قصص عديدة كنا نقرؤها في صغرنا، لم نبالي آنذاك بمحتواها بقدر ما اهتممنا بإدخالها البسمة والتشويق على قلوبنا البريئة. حكايات كانت تعلمنا بسلاسة قواعد الكذب والمكر والخداع والكسل والمراوغة والنفاق وغيرها من أمور كنا قديما نغفل عنها، والآن نستسهل عواقبها بعد أن أصبحنا آباءً لصغار نرويهم من نفس النبع الذي سقينا منه.

ابحثوا يا سادة في براءة عقولكم، عن كتب وقصص ألهمتكم وساهمت في تكوين شخصيتكم. كيف زرعت فيكم خرافة أن الخير دوما ينتصر دون أن تنبهكم أن طريقه محفوفة بالمطبات التي قد تقتلنا قبل أن نعيش لحظة انتصاره. كيف علمتكم أن جيري يربح توم دوما لأنه المظلوم، حتى لو كان الذنب الوحيد لذلك القط هو غريزته الحيوانية التي جعلته من اللواحم، فأجبرته على التعرض لمكر ودهاء وضرب وجرح فأر سانده سيناريو الكاتب وبراءة المشاهدين من الأطفال والكبار.
أخطاء كثيرة برسائل مبهمة وصلت إلينا قديما، وتصل الآن لأطفالنا بطرق مختلفة اختلاف الزمن الالكتروني العجيب الذي نعيشه. داخل كل عنوانِ فطرة سليمة جُبِل عليها أبناؤنا، هناك دوما "سارق بيتزا" متخفي، قد يغير فيهم ماشاء نحو طباع تجعلهم يخسرون أنفسهم قبل أن يخسروا الآخرين.

وأعود للقصص التي أردنا منحها للأطفال، فقد بحثنا أيضا بين المجموعة التي كانت بين أيدينا عن عناوين مثيرة للإهتمام، وجدنا واحدة أخرى بعنوان "دونالد الكسول"، كان قد قرأها خالد التاقي، فوجدها أيضا ملغمة بمعاني لم نستسغها. قررنا عدم تقديم هاتين القصتين للأطفال، واحتفظت أنا بسارق البيتزا، كي تذكرني دوما بوجوب الانتباه ألف مرة لكلماتي وأفعالي، التي قد تسيئ عن قصد أو بدونه لمن يهمني أمرهم.
لكن يا ترى، كم قصة أخرى أهملنا مراجعتها وقدمناها أفكارا ملغومة لأجيال الغد؟؟؟!!!
للأسف...

لنـطـالـع مـعًـا

قبل شهور مضت، لا أحب تذكرها، اتفق مجموعة من المستثمرين والسياسيين والاقتصاديين ومعهم محبوبتنا شميشة، على تشريف وجه المغرب (حسب نظرتهم لمفهوم الشرف والتشريف)، بسلب الدجاجات أكبر عدد ممكن من بيضاتها، وقليها في مئات الليترات من الزيوت، وبيعها مع مشروب غازي  بعشرات الدراهم. ليحققوا في وهمهم حلم أكبر عجة بيض في افريقيا.

انتهى الحدث في ساحة قلب مدينة الحمراء ولم تنتهي ردود فعل المتملقين والمؤيدين والمنتقدين والمعارضين ( ولو أن بعضهم دفع 50 درهم ليتذوق من الأومليطة الشهية). وأحمد الله على التوقف ولو مؤقتا عن ذكر تلك المهزلة والتبجح بنجاحها المصطنع.

بعدها بأسابيع قليلة، اتفق شباب من نفس المدينة على خلق حدث مميز من نوع ٱخر، فنفس المكان "الأومليطي"، قد جمع يوم السبت 4 فبراير عشرات الشبان الذين عزموا على قضاء أمسية مطالعة جماعية، حمل فيها كل منهم كتابه الورقي وتحدى الطقس البارد حينها وبعض قطيرات المطر الندية، ليقدم للجميع مثالا عن التغيير ودعوة لإعادة وهج الكتاب في قلب مدينة العلماء والأدباء والفقهاء والأولياء.


وبعد أيام قليلة، واحتفاء باليوم العالمي للكتاب (23أبريل)، ستنظم جمعية إئتلاف مراكش الفتية، مبادرة لتجميع أكبر عدد ممكن من هواه المطالعة يوم 22 أبريل، في ساحة 16 نونبر بجيليز قلب مراكش الحمراء، في دعوة لتعليم الجيل الصاعد أهمية القراءة وضرورة خلق ارتباط وطيد مع الكتاب.
المبادرة  هي من إدارة تلميذة شابة في السنة الأولى باكلوريا، وضعت نصب عينيها هذا التحدي، واختارت أن يساندها فيه كل من يهتم بهموم أمة اقرأ التي صارت لا تقرأ.
هي دعوة إذن لمساندة مبادرة (ساعة مطالعة)، لخلق أكبر تجمع للقراء يوم 22 أبريل بساحة 16 نونبر بجيليز مراكش. ولكل من أعجبته الفكرة ويريد تطويرها ما عليه إلا مساعدتنا في نشرها على أوسع نطاق في كل المدن المغربية.

إضافات:
 موضوع المدون خالد التاقي من أجل مساندة مبادرة المطالعة الجماعية.
صفحة جمعية ائتلاف مراكش في الفايسبوك

جميعا، من أجل أمة قارئة..

عفوية



نتكلم بعفوية، نطلق العنان لألسنتنا، فنتحدث عن كل شيء وعن لا شيء. لا نبالي بما يقوله الآخرون عنا، أمامنا أو من وراء ظهورنا. لأن عفويتنا تجعلنا نغفل عن الانتباه لأقوالنا.
العفوية لا تجدي في أحيان كثيرة عديدة، ربما قد تصيب سهام حروفنا الأشخاص الطيبين عند قصد أو بدونه، وربما يفهمها البعض بسوء نية، تجعلنا في خانة المغضوب عليهم.. قليل من الديبلوماسية لن يؤذي أحدا!!!!
لمن حضر لقاء المدونين بمدينة الصويرة، ولباقي زوار المدونة.. أقدم كلمات قليلة كتبتها المدونة حنان، تعبر عنها حينا وعني أحيانا.. وأجد نفسي أقف أمامها بعفوية، صامتة بدون تعليق..

مازحته..
لامني: أنت عفوية..
وأسردَ في المقال..
ما العيب يا سيدي
إن لم أتقن مثلكم،
ربط اللجام؟؟
ما العيب، إن لم تفارق
شفتاي.. الابتسام؟؟؟
ما العيب إن لم أتعلم
أن من قواعد الزجل
الكلام بانتظام؟؟
عفوية.. لا أقوى أنا
على حياة كحياتكم
اغتالها الانفصام؟؟

هامش: مصدر الصورة هــــنـــــا

أنا والجزائر وأشياء أخرى


 

سألني بصمت:
- ماذا تعرفين عن الجزائر؟؟
أجبت بصخب:
- الجزائر، هي أقرب دولة عربية للمغرب، عاصمتها مثل اسمها وعملتها دينار كجل بلدان الضاد. نتصارع معا على صحرائنا وهم لا يحبوننا رغم أنهم يشبهوننا..
ولم أستطع إضافة كلمات أخرى.
هذا كان وبكل بساطة كل ما كنت أعرفه عن دولة الجزائر الشقيقة، وربما يتقاسم معي الكثيرون نفس المعلومات السطحية التي جعلتنا نثرثر بكلمات قليلة عن بلد نتشارك معه التاريخ والحضارة والمستقبل أيضا لو أردنا ذلك.

طلب مني أحد الأصدقاء يوما شراء عدد من مجلة المساء المغربية، خصصته آنذاك لدراسة شاملة حول تاريخ النزاع الجزائري المغربي على مر العقود واختلاف الملوك والرؤساء الذين تعاقبوا على حكم البلدين، وصولا لعهد بوتفليقة وملكنا محمد السادس. قال صديقي حينها أن هذا العدد يجب أن يكون في منزل كل مغربي، فاقتنيته وقرأته ثم حفظته، وبعدها بدأت أتعرف على الجزائر أكثر.
قرأت عن استعمار الجزائر والمغرب، وعن حرب الرمال الشهيرة بعدها. عن المغالطات التي ندرسها في تاريخنا وعن نقيضها الذي يدرس في المقررات الجزائرية. كيف نظن أننا حررناهم ويظنون أننا استعمرناهم. أخطاء عديدة وقع فيها الشعبان معا، حتى صارت الهوة تكبر يوما بعد ٱخر بينهما، وتوسع معها الفجوة الكبيرة التي جعلت الخاسر الأكبر في كل هذا: المغرب والجزائر.
وقد جمعني التدوين مع أصدقاء جزائريين، فبدأت أقرأ لهم وأعرف أفكارهم. كانوا أقلية نعم، لكن ربما هم يمثلون أفكار بني شعبهم الذي مل من الصراع الفارغ مع المغرب حول أرض تستنزف منهم ومنا. ومل من شتات شمل فرقته السياسة اللعينة بعد أن جمعته علاقة الدم.

أتذكر بابتسام كبير كل الصراعات التي سمعتها بين مغاربة وجزائريين في غرف البالتوك والمنتديات العربية، من سب وشتم وقذف متبادل في الأعراض، وما إن يدخل أحد الجزائريين أو المغاربة في مشكل مع عربي من جنسية أخرى، حتى يتحد الطرفان ضده ويهاجمونه، وهم يشيدون بالعلاقات التي توحدهم ومشاكلهم البعيدة عن باقي دول العرب.
تذكرني هاته الصراعات دائما بمشاكل كرة القدم، كيف يعاتب البيضاويون الرباطيين، وكيف يتشاجر الفاسيون مع الأكاديريين، ويتقاتل المسفيويون مع المراكشيين.. وحينما يتعلق الأمر بالمغرب، فالكل يصبح بيضاويا ورباطيا وسوسيا وفاسيا ومراكشيا ومسفيويا. يجمعهم المغرب ولا تفرقهم صراعات تضحك أحيانا وتؤلم في أحيان أخرى.

أكتب عن الجزائر لأني سألت يوما بعض أصدقائي عن الدول العربية التي يتمنون زيارتها يوما ما ( طبعا بعد زيارة المغرب الحبيب)، تنوعت إجاباتهم ومع حديثهم وجدت أني أتمنى زيارة الجزائر كأول بلد عربي أشتاق له. أريد أن أرى المميز في بلد نقطع آلاف الكيلومترات في ساعات طويلة لنصل إليه، بينما لا تفصلنا عنه سوى عشرات الكيلومترات ( فين وذنيك رآآآآآآا هيآآآآآآآا)، أن أعرف المزيد عن من قيل أننا نتشابه معهم في كل شيء: النظام واللانظام، كثرة الكلام والاهتمام والنضال الدائم من أجل الحصول على بعض الاهتمام والاحترام..
كم جميل أن نرى يوما علاقة صافية بحدود مفتوحة بين المغرب والجزائر!!!
كم أتمنى حقا أن نتذكر دوما أن ما يجمعنا أكبر مما يفرقنا..
كم أتمنى ذلك ...

هامش: صفحة الفايسبوك للمطالبة بفتح الحدود بين المغرب والجزائر
مصدر الصورة

بصيص أمل

على هاته الأرض ما يستحق أن نكتب عنه، وبصيص أمل من أجمل الأشياء التي وقعت لي في حياتي وتستحق الكتابة عنها.. ولطالما خذلتني الكلمات كلما جربت الأمر، لكني أخيرا قررت أن أخط بقلبي كل ما أستطيع قوله عن أول وأروع جمعية انضممت لها: جمعية "بصيص أمل"...


 ندمت كثيرا على سنوات عديدة قضيتها في حياتي، وأنا أصدق شائعات عن جمعية أسسها بعض من طلبة كلية الطب في مدينتي. وحينما قررت الانضمام للجمعية بعد أن عشت سنة غيرت فيها من أفكاري، عرفت أني قد حكمت مسبقا على عالم جميل أراد البعض أن يلوث اسمه، ففقدتُ بحكمي المسبق أشياء عديدة كانت في " بصيص أمل".
لم أعرف في تلك الجمعية إلا أصدقاء كانوا ينتمون لمدن مختلفة وطبقات اجتماعية أكثر اختلافا. كانت لكل منهم أهدافا متنوعة أرادوا تحقيقها مع بصيص أمل، لكن هذا القلب الكبير الذي ضمنا معا قد غير فينا جميعا أشياء عديدة، فصار الوثاق الذي يربطنا أعظم من أي رابطة.. إنها بصيص أمل.
وكم ضحكت يوما حينما أخبرتني إحدى الزميلات أنها قد سئمت من الجلوس في مقصف الكلية، بسبب الضحكات المتعالية لأعضاء بصيص أمل الذين كانوا يحيون هناك اجتماعاتهم. ابتسمت لكلماتها لأنني كنت منهم وأجلس أحيانا معهم، فدعوتها للانضمام لمجموعتنا يوما، لعل الأجواء تعجبها. وكذلك كان، حتى أصبحت اليوم من أنشط الأعضاء في جمعيتنا.
بصيص أمل، كانت الوسيلة التي جعلت مواهب كثيرة تنفجر بدواخلنا، فيها عرفت أشخاصا عاديين اكتشفوا ميولاتهم نحو التمثيل والتأليف والاخراج والتنشيط والتقديم. وأطباء خجلين صاروا أكفاء بعد مواظبتهم على حضور القوافل الطبية التي تنظمها الجمعية. وطلابا اكتسبوا خبرة كان يلزمهم سنوات طويلة كي يحصلوا عليها.
وخطر ببالي في هاته الأثناء، منظر صديقة لي، دمعت عيناها وهي تعترف بأنها تنتمي لطبقة من الأغنياء تعيش بينهم بعيدة عن هموم الآخرين. وقد أحست بالراحة والسعادة لأنها وجدت نفسها يوما تستجدي بسرور العديد من الأشخاص وتحاول اقناعهم بضرورة التبرع بقدر كافي من المال، لأجل مساعدة مرضى القصور الكلوي.
ويخذلني قلمي الآن (كما العادة) في سرد الذكريات التي قضيتها ومازلت كذلك، مع كل من تعرفت عليهم بالجمعية في أنشطتها المتنوعة: بسمة طفل قروي حصل على فرشاة ومعجون أسنان، ضحكة صبية يتيمة فازت بجائزة أفضل رسمة. زغاريد فتيات احدى القرى المنسية بمدينة ورزازات واكرامهن لنا..ليالي الأنس بدون نوم في أمزميز الجميلة، وحتى لحظات المعاناة في احدى المناطق المنبوذة.. كلها ذكريات مازالت تغزو مخيلتي فأبتسم كلما تذكرتها.
قد يكون أعضاء بصيص أمل قد منحوا الكثير لجمعيتهم، لكنها منحتهم أكثر وأكثر. ولا تطلب منهم بالمقابل إلا الحفاظ عليها من كل من يحاول تدنيس اسمها طمعا في مال أو سلطة أو مآرب شخصية أخرى..
شكرا بصيص أمل على كل الأمل الذي قدمته لنا.. شكرا على كل شيء..

هامش: صفحة جمعية بصيص أمل في الفايسبوك

ربما لم أعُد أهتم

 

صدقوني أو عالجوني، فأنا لم أعد أهتم..
قال أحدهم يوما ( وأنا لا أتذكر اسمه لأني لم أعد أهتم)، أن الإعلام قد قتل القضية. وأنا كذلك قد صدقت الإعلام وابتعدت شيئا فشيئا عن تلك القضية.
قبل سنين مضت، تحمست جدا حتى النخاع. فكنت أستيقظ  كل صباح على صوتها:
القدس تبكي حزينة
لبست ثياب الحداد
عملوا في الأقصى مجازر
واحرقوا بيوت العباد
وكان علم فلسطين مرسوما على كل صفحاتي، حتى أن أساتذتي أصابهم الغضب من كتاباتي. لكني بعدها اعتزلت كل شيء.. في تلك الأيام التي بدأت فيها أشغل التلفاز على أصوات قتلى الحروب بين فتح وحماس. قُتل عرفات وقُتلت معه القضية، وتعارك الأشقاء بعد أن انقلبوا ضد بعضهم وصاروا فرجة لنا وللأعداء.
فلم أعد أهتم..
لم أهتم للقدس واحتلالها، ولغزة وآهاتها، ومع أني كنت أختلس النظرات كل مرة لأعرف الجديد، وأسرق وريقات من كتابي الأزرق  لأكتب كلمات:
يقولون في غزة
 مات البشرْ
وأطفال الحجارة بالنار
قلوبهم تنفجرْ
يقولون
طوابير الخبز
تبدأ من الفجرْ
وتطولُ
لتطولَ
مئة مترْ
ويأتي الربيع فأتحمس مرة أخرى، فيَهرُب التونسي ويُسجن المصري ويُطارد الليبي.. وأجد أن المشاهد تتكرر وألا شيء قد تغير.. فلا أهتم..
وانقطعت منذ هروب القذافي عن مشاهدة أو قراءة تفاصيل الأخبار، كنت أعرف العناوين التي تقول بأن شيئا يقع، لكني لا أبالي.
أضحك مع نفسي على نفسي التي لا تبالي بشعب يمارس الديكتاتورية على نفسه بعد اعتقاده بطرد الديكتاتور، فمعه عليك الاختيار أن تكون ثوريا أو خائنا. ولا تفكر أبدا في طرد الديكتاتور الذي يسكنك.
منذ حوالي السنة لم أعد أهتم لأني لم أبالي بأن أعرف. كم من أمور قضيناها بتركها، وأنا تركت كل شيء ورائي ( أو ربما اعتقدت ذلك). لا أحسب كل يوم عدد القتلى في سوريا مع المساندة الروسية، ولا أراقب الاجتياح الاخواني للانتخابات المصرية، ولا أشاهد أبدا استمرار الإضرابات اليمنية، أو التقدم المذهل للثورة التونسية. لا أعذب نفسي بمتابعة الانتفاضات الصغيرة في حينا المنبوذ، كما لم أتابع سابقا ما حدث في تازة الجريحة.. فقط أحاول ألا أهتم...
قد أكون أنانية أو أن شيئا آخر يشغل تفكيري، ربما أخطأت هاته المرة تشخيص حالتي، وربما قد يكون ما كتبت دليل على أني فعلا أهتم.. غير أن في داخلي صراع كبير  يحثني حقا على ألا أهتم..
ربما لم أعد أهتم ؟؟

مصدر الصورة

خدعة برج الحوت

لن أعتذر من كل الحيتان الذين سيجرحهم كلامي، أو من الذين سيعارضون ما أقوله، باعتبار الصفات التي سأذكرها لا تتوافق وامكانياتهم الهائلة... فقط هنا، سأستعمل دكتاتوريتي لأعطي لنفسي الحق بتعميم كل الترهات التي أكتبها على مواليد برج الحوت.
ولن أعتذر أيضا من كل الذين لا يؤمنون بالأبراج. فأنا مثلهم أعلم أن الله وحده هو الذي يعلم الغيب، لكني أعرف أيضا أن الله خلق لنا عقلا لنخترع به علما. وعلم الأبراج موجود سواء صدقناه أو لا.. شخصيا أؤمن ب 60% من مميزات الأبراج( ولا أؤمن أبدا بالتوقعات).

مواليد برج الحوت أغبياء، لا يفرقون بين حرفي النون والباء. نقطة فوق السطر أو تحته قد تحدث الفرق بين الناقة والباقة. أما هم، فلا يرون من هاته النقط إلا رومانسية الباقة وصبر الناقة.

أغبياء،
يعيشون في عالم وردي لا يوجد أساسا، فمن غيرهم يرى الورود تصنع عالما؟؟ جنون.. هم مجانين رومانسية حالمة لا وجود لها في عصر الجد والمنطق ومبدأ الأخذ والعطاء. لا شيء بدون مقابل و Feelings are nothing .

حساسون جدا، تبا لهم.. يتأثرون بهمسة ريح صاخبة وصرخة عانس حاقدة وآهة ظالم كاذب. فيبذلون المزيد من الجهد لإيقاف الريح وإرضاء العانس ومقابلة كذب الظالم بالصبر والابتسامة... بلهاء.

مواليد برج الحوت جبناء أيضا، لا ينطقون كلمة "لا"، في قاموسهم كل شيء ممكن، ولا داعي لكسر خاطر أحدهم عن طريق قول "لا".. ينسون تماما أن ال"لا" ما خلقت إلا لتقال فتعبر عن الاستقلال من الآخر. فيصمتون وينسون، لكن في النهاية.. يندمون.

هامش: التدوينة أعلاه هي إحدى ترهاتي المكتوبة في لحظة غضب.

لمن سأهدي الورود؟ (3)


تذكير: لمعرفة بداية قصتي مع الورود، المرجو الإطلاع على هاته التدوينة: 


صباح الخير، 
تأخرت في توزيع الورود، أليس كذلك؟؟ 
في ذلك الوقت، كنت ساخطة على الوضع وعلى الناس. وتمنيت لو أني وزعت علقما أو رصاصا( كما فعل هيبو) على بني البشر حتى ترتاح الكرة الأرضية من أشر مخلوقاتها. لم تكن لي رغبة أبدا في توزيع الورود، أو حتى الابتسام. ورغم ذلك كنت أبتسم، فأقول مع نفسي أن على هاته الأرض الشريرة، وفي هاته الدنيا الحقيرة، هناك حقا من يستحق الورود.
لذا سأهدي الورود..

في طريقي اليومي، كنت أمر بسوق الورود دوما. وكانت رائحتها الزكية وألوانها المتنوعة تغريني دوما بالوقوف أمامها. كم هي جميلة هاته المخلوقات المميزة بتويجاتها الصغيرة التي قد تدخل الابتسام لروح بائسة. فقط شكلها ولونها يستطيعان قلب المشاعر في دواخلنا.. فكرت وأنا أراها وقلت: حسنا سأوزع الورود.
في ذلك الصباح الباكر، اقتنيت ثلاث وردات بلون الحليب وتوجهت لمحطة التاكسيات. وفي طريقي وجدت ذلك الشاب واقفا كما عادته يحاول بيع مناديل الكلينيكس. تعودت مسبقا على رؤية منظر زملائه أمام قبة البرلمان يطالبون بحقهم في التشغيل باعتبارهم أطرا عليا معطلة. ورغم أني كنت أرفض ما يفعلونه أحيانا إلا أن منظر ذلك الرجل قد جعلني أقف أمامه وأقدم له وردة بيضاء بابتسامة لم يستطع ذلك الشاب الكفيف رؤيتها.
- أنا أبيع ولا أشتري.. خذي وردتك!!
أجبته ببسمة أكبر: 
- أنا مجرد فتاة توزع الورود بالمجان.
ضحك ضحكة كبيرة ثم قال: 
- وأنا أرحب بوردتك آنستي، جزاك الله خيرا.. ثم أردف: هل تحتاجين كلينيكس بالمقابل؟؟
ضحكت بالمثل وقلت:
- قلت أنها بالمجان وبدون مقابل. متمنياتي أن تكون كل أيامك جميلة كالورود، مع السلامة
ثم ابتعدت قليلا عنه، قبل أن يقنعني فضولي باستراق النظر لمعرفة ماسيفعله. وبكل بساطة وضع الوردة تحت قبعته بابتسامة كبيرة، وعاد للمناداة من أجل محاولة بيع مناديله الورقية.
قررت تغيير الوجهة نحو محطة الحافلات من أجل تسريع الوقت خصوصا أن موعد دوامي قد اقترب، لكن أملي قد خاب بعد أن انتظرت حافلتي الملعونة لمدة ربع ساعة قبل أن تأتي بسرعة مدهشة ويقرر سائقها عدم الوقوف في محطتي. لعنت حظي ومعه الوقت الذي عاندني، وقررت ركوب تاكسي صغير  ليوصلني لوجهتي مباشرة بعد تضييع وقتي في انتظار الحافلة الهاربة.
وكذلك كان..
ركبت مع أحد السائقين الرائعين، كان عمره في حدود الأربعين وكان جد نشيط. لم يكتفي من الحديث عن كل شيء وبلغات العالم. أخبرني أنه يتكلم الفرنسية بطلاقة وحدثني أيضا بإنجليزيته الركيكة قبل أن يطلق على مسامعي عدة كلمات هندية وأخرى اسبانية. أعجبتني رفقته وآلمني بطني من كثرة الضحك.. سألني عن ورودي فأخبرته عن قصتي وقدمت له وردة معها.
ضحك كثيرا لفكرتي وأخبرني أن الورود لا قيمة لها في وقتنا هذا، لكنه سيحمل وردته في طاكسيه، وسيعرف كل زبائنه بقصتي مع الورود.
ضحكت أيضا لكلماته وودعته بعد الوصول لوجهتي شاكرة إياه على الوقت القصير المميز الذي قدمه لي.
دخلت ذلك المستوصف مبتسمة سريعة، قبل أن توقفني (الحاجة) إحدى الممرضات هناك، سلمت عليها وسألتها عن أحوالها وهي أيضا بالمثل. أخبرتني أن طبيبي لم يأت بعد ( كعادته) وأن الوقت مازال مبكرا على قدومه. لعنت في قرارة نفسي ساعتي والطبيب والدراهم التي أضعتها بغية اختصار المسافات والزمن. لكن نفسي كانت سعيدة بهذا الصباح المميز والذي مازلت أحتفظ بآخر ورداته بين يدي.
بدأت الحاجة تنظر لوردتي بإستغراب فقدمتها لها بإبتسامة قائلة: أجمل وردة لأجمل حاجة في المستوصف..فرحت كثيرا وأمطرتني بوابل من الدعوات. كانت هدية بسيطة لسيدة توزع الابتسامات وتتعامل بشرف واحترام مع كل المرضى والأطباء هناك.. أحسست بعد دعواتها بسعادة غامرة جعلتني أفكر بجد في توزيع بقية ورداتي العشر في أقرب وقت ممكن..

يتبع

رسائل عن التحرش الجنسي (8)

تخفي كل واحدة من بنات حواء في داخلها حكاية عاشتها بتفاصيل معينة، كان بطلها "ذكر" متحرش ( أو أنثى أحيانا)، وكانت هي الضحية التي لم تستطع مقاومة هذا التحرش أو حتى الحديث عنه ومواجهته.
وقد يخفي بعض الرجال (أو ربما يبوحون بذلك)، تفاصيلا عن قصص عاشوها عن متحرشين جنسيا أو كانوا هم أبطالها.

لكل من تريد الحديث عن حكايتها مع المتحرشين، ولكل من يريد البوح بتعرضه للتحرش الجنسي، المرجو مراسلتي على البريد الالكتروني التالي: marrokia2000@yahoo.fr
 
 الرسالة الثامنة:

لا زالت مخيلتي تتذكر تفاصيل ذلك اليوم المشؤوم، ولا زالت ذاكرتي ترفض نسيانه رغم أني حاولت تفادي الحديث عن الأمر أو حكيه للآخرين.
في ذلك اليوم المشؤوم كنت سألتحق بالحي الجامعي، فطلب منا كوثائق رسمية إحضار صورة اشعاعية للصدر (Radio pulmonaire) بغية التأكد من الخلو من مرض معدي. وكغيري من الساذجات اللواتي لم يتعودن زيارة المستشفيات، توجهت لمستوصف صغير من أجل الحصول على الصورة الاشعاعية مجانا.
كان المكان شبيها بسوق كبير، بغرفتين معزولتين إحداهما للنساء وأخرى للرجال. وغرفة الحريم كانت شبيهة بحمام عمومي، بوجود نساء تعرت صدورهن بأمر من الممرض التقني الذي سينجز لنا الصور الاشعاعية.
وكغيري من النساء استسلمت للأمر، لأني لم أعرف بوجود البديل وقمت لأول مرة في حياتي بخلع ملابسي العلوية كلها والوقوف في صف طويل في انتظار دوري للقاء الممرض، الذي جعل عيناه تشبعان تمعنا في أجساد نساء لا حول لهن ولا قوة.
كانت رائحة الخمر تفوح من ذلك الرجل، وكان يرمقني كلما خرج للمناداة على ضحيته التالية، بنظرات عجيبة أثارت استغرابي ورعبي الشديدين. ولسبب لم أعرفه، كنت الأخيرة في مجموعة العاريات ولم يصل دوري إلا بعد أن جالت ببالي كل الأفكار السوداء.
دخلت مرتعبة بأمر من الممرض، أمسكني من ذراعي بابتسامته الماكرة بدأ يقربني رويدا رويدا من آلة الأشعة. أحسست به يتلمس نهداي ولم أستطع النطق ببنت شفة... كنت خائفة أن يرفض تزويدي بالصورة الاشعاعية وأنا في أشد الحاجة إليها، وكنت أيضا أقنع نفسي بأن عمله يستلزم أن أكون في وضعية مناسبة للحصول على النتيجة المرغوبة.. في تلك اللحظات أحسست بتفكيري متوقفا ولم أدر ما العمل!!!
بعد انتهاء لحظات الاحراج، شعرت بذلك الممرض الغبي يبتسم بنشوة. أمرني أن أحضر غدا لمكتبه شخصيا من أجل استلام الصورة الإشعاعية النهائية. وسهرت أنا طول الليل أفكر فيما عشته وما سأعيشه غدا اذا ذهبت لمكتبه كما طلب مني.
ولحسن الحظ حصلت على مرادي مع بقية الناس من أمام باب احدى الغرف. وحاولت تجاوز المكتب الذي يوجد فيه ذلك الممرض كي لا يراني، وزاد خوفي بعد أن علمت أن طلبه بمقابلته شخصيا لاستلام النتيجة النهائية لم يكن مبررا، لكون الصور جميعها تقدم لكل الناس في نفس الوقت أمام الباب..
وبعد مرور سنوات عديدة على ما وقع، أقف الآن مع نفسي وأضحك متألمة. أشياء عديدة كان بإمكاني تفاديها.. فعمل صورة اشعاعية لا يتطلب خلع كل الملابس العلوية، وخوفي الشديد لم يكن يبرر سكوتي على الممرض، وسذاجتي وقلة درايتي حرماني من معرفة وجود عشرات المستشفيات التي كنت سأحصل فيها على ما أريد وبالشروط التي أريد.


رسائل عن التحرش الجنسي (7)

تخفي كل واحدة من بنات حواء في داخلها حكاية عاشتها بتفاصيل معينة، كان بطلها "ذكر" متحرش ( أو أنثى أحيانا)، وكانت هي الضحية التي لم تستطع مقاومة هذا التحرش أو حتى الحديث عنه ومواجهته.
وقد يخفي بعض الرجال (أو ربما يبوحون بذلك)، تفاصيلا عن قصص عاشوها عن متحرشين جنسيا أو كانوا هم أبطالها.

لكل من تريد الحديث عن حكايتها مع المتحرشين، ولكل من يريد البوح بتعرضه للتحرش الجنسي، المرجو مراسلتي على البريد الالكتروني التالي: marrokia2000@yahoo.fr
 
 الرسالة السابعة:
رأيت بالقرب من المرحاض مقهى في الهواء الطلق ، أسرعت الخطى نحوها طلبت من النادل أن يملأ لي قارورة من الماء كي أتوضأ ، امتنع في البداية ، ثم ما لبث أن أمدني بالمطلوب بعدما قص علي قصة الماء المقطوع عن المقهى ، ومعاناته كنادل مع ملئ البراميل من النزهة ، ابتعدت عنه قليلا ، توضأت ثم عدت إليه فطلبت منه إن كان بحوزته سجادة تصلح للصلاة ، ناولني قطعة ” كارطون ” مرسوم على ظهرها قالب سكر ، صليت عليها ، ثم رددتها له ، أسرعت الخطى لأعود إلى باب شالة ، ناداني أحدهم ، تمعنت في وجهه جيدا فإذا بي أمام شاب نحيل بادرني بالسلام ثم بدأ يسألني أسئلة غريبة الشكل والمضمون : 
ـ أهلا محمد ، كيف الحال هاني ، واش خبار الصحاب والأحباب … كلشي بخير 
* بخير ، الحمد لله 
ـ دري ولا درية ؟؟
* كيفاش ؟؟
ـ كتقلب على دري ولا درية ؟؟؟
* مافهمتش السؤال ؟؟؟
ـ واش بغيتي نشوف ليك دري ولا درية 
* شكون نت بعد باش تطرح علي هاذ السؤال 
ـ وايلي ما عقلتيش علي 
* مع كامل الأسف لا 
ـ أنا راه اللي دبرت ليك داك الشهر على دوك جوج الدريات ، حليمة ، وثريا … خوك راه موجود بغيتي دريا ولا دري اللي عجبك أنا معاك وبالثمن اللي بغيتي وما يكون غير خاطرك …
فهمت أنه ” قواد ” شبهني بأحدهم فاختلطت الأوراق عنده ولم يميز بيني وبين أحدهم ، فسرني كثير أن أتمادى معه في لعبته القذرة خاصة أنني لم أفهم جيدا المقصود بـ ” الدراري ” .
ـ كيف جاتك ثريا … قرطاسة ياك 
* ما بيهاش 
ـ آودي راه غا الظروف اللي حكمات عليها أما كون راها مزوجة وبخير أو على خير .
* قل لي ، الدراري اللي عندك شحال فعمرهم 
ـ كاين من 14 عام حتى لـ 30 
* شي واحد زوين أو ثقة بشحال ؟؟؟ 
ـ زوين أو ثقة ، 200 درهم ليه و150 لي أنا .
* بزاف ؟؟؟!!!
ـ راه باقي جديد آصاحبي 
تأملت في الشاب الموجود أمامي ، وصدمت بوجود هذا النوع الشباب في مجتمع مسلم ، ووجدتني بين التأمل والصدمة أفكر في أبي نواس وغلمانه ، وأفكر في أن أوجه ” للقواد ” لكمة أو لكمتين ، أو أشنقه بيدي ، يقاطعني بسؤاله : 
ـ آش قلتي 
* خليها لنهار آخر ، دابا أنا مشغول بزاف ، … أو هاذ المرة عرف مع من تتكلم …
ـ كيفاش ؟؟؟ 
تركته أسيرا لاستفهاماته وتعجباته ، وقبل أن يكيل لي السب والشتم كنت أتسلق سور النزهة وفي نفسي شيئ من لكمات لست أدري لمَ لم أجُدْ بها على وجهه ” الإبليسي ” .


هامش: هاته الرسالة سبق نشرها في مدونة ڭولها للأخ محمد ملوك.