تعدد الزوجات

منذ أيام وضعت استطلاعا في صفحة المدونة على الفايسبوك أطلب فيه من المتابعين المشاركة عبر إجاباتهم عن موضوع (تعدد الزوجات). الاستطلاع كان من إعداد صديقتي فاتن نبيل، ونتائجه مع باقي التفاصيل مفصلة في التدوينة التالية:
منذ عهد سيدنا إبراهيم عليه السلام كان التعدد مباحا شرعا وممارسا فعلا في جميع الأديان. وكان عند العرب مباحا دون شرط أو قيد وكانو يمارسونه الى أبعد الحدود .
ذكر في التوراة أن نبي الله داوود كان لديه 99 زوجة من الحرائر و 300 من الجواري، وفي التوراة أيضا أن سيدنا سليمان (وكانت له سبع مئة من النساء السيدات وثلاث مائة من السراري).
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : قال سليمان بن داود عليهما السلام : لأطوفنّ الليلة على مائة امرأة أو تسع وتسعين، كلهنّ يأتي بفارس يجاهد في سبيل الله، فقال له صاحبه: قل إن شاء الله، فلم يقل إن شاء الله، فلم يحمل منهن إلا امرأة واحدة جاءت بشقّ رجل، والذي نفس محمد بيده لو قال إن شاء الله لجاهدوا في سبيل الله فرسانا أجمعون ) متفق عليه.
 صدر قرار منع التعدد في الديانة اليهودية في القرن الحادي عشر بسبب ضيق أسباب المعيشه التي كان يعانيها اليهود في تلك الحقبة . أما الإنجيل فلم يأت بنص يحرم تعدد الزوجات، فكانت التشريعات المحرمة من وضع البشر بخلاف الديانه. أما في بلاد العرب فكان الرجل يتزوج من النساء ما تسمح له أو تحمله عليه قوة الرجولية و سعة الثروة للإنفاق عليهن. حتى جاء الاسلام فأمر من أسلم وعنده اكثر من أربعة نسوة أن يختار أربعا وأن يخلي ما بقى. قرن الإسلام أيضا إباحة التعدد بالعدل، و في هذا وجود بأخذ الحكم من كل جوانبه فلا يمكن أن يأخذ الحكم بإفادة التعدد و يترك الحكم بالعدالة.

قمت بإجراء إستطلاع فيسبوكي شارك فيه مائة إمرأة و مائة رجل كلهم عرب، ولم يتم حصر الفئات العمرية، و كانت النتيجة كالاتي:

بالنسبة للنساء:
- 89% من النساء رفضن فكرة التعدد بصورة مطلقه والسبب المبرر كان بلا منازع الغيرة وعدم حب مشاركة الزوج مع الغير، كما عبرت احداهن ( انا زي الفريك ما بحبش شريك )
- 11% من النساء تقبلن فكرة التعدد، لكن 9% قرن الموافقة بتوفر أسباب التعدد المعروفه، 2% فقط تقبلن الفكرة تحت التفسير أن هذا حق رباني منحه الخالق للمخلوق و أن لا حق لهن للتدخل .
- 5% فقط من النساء وافقن على فكرة أن يصبحن في مكان الزوجة الثانيه بينما 95% رفضن الفكرة تماما.
- وأخيرا 75% من النساء يعتقدن أن سبب زواج الرجل بإمرأة أخرى يعود الى نقص حبه لهن . بينما 25% اعتقدن أن مقدار حب الرجل لا علاقة له بالقرار .

 لم تكن نتيجة إستطلاع النساء مفاجئة بالنسبة لي، نسبة الى عدد المرات التي طرح فيها موضوع التعدد خصوصا عندما يتزامن مع عرض أحد المسلسلات المناديه بالتعدد واخرها ( الزوجة الرابعه ) وكن جميعا ينددن بالفكرة . فبدأ يطرح لدي تساؤل أنه إذا كانت الفكرة قديمة قدم التاريخ فما الفرق بين نساء الزمان القديم ، الجاهليه، أو حتى في عهد الإسلام، و بين حتى عهود قريبة مضت حيث كنا نجد جداتنا قد تعايشن بسلام مع ( ضراتهن ) و قد يكن قد أرضعن ابنائهن معا؟ فما الذي تغير؟ و لماذا نساء اليوم يحاربن الموضوع بشده ؟!
استخدمت الكثر من النساء عبارات تهديدية لتبرير الرفض كـ ( إن رجلا فكر بالزواج بي لا يمكن أن يفكر مجرد التفكير في هذه الفكرة ) أو(عليه ان يطلقني أولا) أو حتى ( ليس لديه سبب واحد يجعله يفكر في التعدد) بعضهن استخدمن عبارات مثل ( الفكرة مقرفة جدا) و ( أستحق أن ابقى ملكة قلبه ).
هل الغيرة وحدها تستطيع تبرير رفض حق رباني؟ علما أن التعدد قيد بشرط العدل وليس بتوافر الاسباب، وكانت الاية واضحة وصريحة عندما قال جل و علا ( و إن خفتم الا تقسطو في اليتامى فإنكحو ما طاب لكم من النساء ..الأيه )، وهل نساء الأمس لم يكن يحببن أزواجهن؟
 أعتقد أن السبب يعود لشعور النساء بحقهن في ملكية الرجال، بأن الزوج ملك لها، وحتى إذا إفترضنا أن لديها حق الملكية، فهل تملك حق الحصرية؟
 بعض النساء يبررن بان شعور الغيرة هو شعور غير قابل للتحكم، بمعنى انها بمجرد ان ترى زوجها يلاطف - أو حتى يتحدث – مع إحداهن حتى يبدأ شعور يشبه نوبات الهلع، شعور بضيق في الصدر و كأن أحدا أمسك بقلبها وعصره، والتوتر ويصفن البعض شعور بالكراهية أو حتى بظهور الانياب ( ظهورا مجازيا طبعا)، وتزداد حدة الشعور كلما زاد مصدر التهديد، فالمرأة الجميلة، المستقلة، العازبة و صغيرة السن تشكل مصدر التهديد الاكبر، و تبدأ الزوجة بتناسي التاريخ الطويل الذي يجمعها مع الزوج وسنين العشرة و الحب و تبدأ بفقدان الثقة في نفسها، وزوجها و فيهما معا!!!
و إني لأستغرب أن إمرأة قاست آلام الحمل و الولادة أو حتى آلام الطمث الشهري، و نظرة المجتمع للأنثى، و فراق والديها و التأقلم على عش الزوجيه، و ..و..و.. وتفشل في التحكم في شعور كالغيره، أم ياترى أن الأنثى بكل بساطة لا تريد ان تتقبل الفكرة، لأنها ترى في القبول نوعا من الخنوع وانتقاص الذات ؟
 و قد عززت التربية الاجتماعيه تلك الفكرة فكما يقول المثل الشعبي ( ذل امرأة بأخرى ) ترسخت لدى المرأة الفكرة بأنها وسيلة إذلال و انتقاص من كرامتها، بينما لم تلك الفكرة من قبل و على ضوئها لم يكن التعدد يشعر المرأة بأي إذلال الا في حالات نادرة وعلى سبيل المثال لا الحصر قصة السيدة فاطمة أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ خَطَبَ بِنْتَ أَبِي جَهْلٍ، وَعِنْدَهُ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .فَلَمَّا سَمِعَتْ بِذَلِكَ فَاطِمَةُ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ لَهُ: إِنَّ قَوْمَكَ يَتَحَدَّثُونَ أَنَّكَ لَا تَغْضَبُ لِبَنَاتِكَ، وَهَذَا عَلِيٌّ نَاكِحًا ابْنَةَ أَبِي جَهْلٍ .فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَسَمِعْتُهُ حِينَ تَشَهَّدَ يَقُولُ : ( أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أَنْكَحْتُ أَبَا الْعَاصِ بْنَ الرَّبِيعِ فَحَدَّثَنِي فَصَدَقَنِي، وَوَعَدَنِي فَوَفَى لِي، وإِنَّمَا فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي يُؤْذِينِي مَا آذَاهَا، وَإِنَّهَا وَاللَّهِ لَا تَجْتَمِعُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ وَبِنْتُ عَدُوِّ اللَّهِ عِنْدَ رَجُلٍ وَاحِدٍ أَبَدًا ) فكان سبب الغضب ليس التعدد في حد ذاته بل ان يجمعها مع ابنة ابن جهل.

أما عن نتيجة الرجال فقد جاءت خلاف ما توقعت كما يلي:
- 32% من الرجال فقط يفكرون بتعدد الزوجات والأسباب تعددت بين الرغبة في كثير من النسل، يليه نقص الاهتمام من طرف الزوجه ثم يحتل عدم التوافق الجنسي المركز الاخير .
- بعض الرجال برر التفكير بتطبيقه للسنه، بستر بنات ا لمسلمين و البعض الاخر علل ذلك بـ( حبه للنساء )
- 68% رفض الفكرة والأغلبيه الساحقة عللت الرفض بعدم قدرتهم على العدل بين النساء، يليه عدم الاستطاعه الماديه، ثم لم تخل الأجوبه من بعض الرومانسيه كـ ( احب زوجتي ) و( واحدة تكفيني ) و أيضا بعض الاجوبه الطريفه كـ ( واحدة وشوف تشوف الا قديتي عليها ) و ( لا احب التقييد الزائد ) و اخيرا( هكذا هم الرجال ).
- المثير للإهتمام ان 83 % من الرجال قد اعترفو بحق المرأة في رفض التعدد .
و كما نعرف ان القانون المغربي يبيح تعدد الزوجات بعد موافقة خطيه من الزوجه الأولى، إلا أن بقية الدول العربية لا تعترف بهذا الحق، ومازلنا نجد الكثير من النساء يكتشفن عن طريق الصدفه، أو بعد وفاة الزوج وجود عائله اخرى!
 وكما ان الاسلام أباح التعدد فحفظ حق المرأة بعدة شروط في داخل زواج التعدد: كأفضليه أن يفصل في المسكن، وأن يقترع بينهن عند السفر، كما حدد للبكر 7 أيام يقيم عندها والثيب 3 عند الزواج، و وجوب العدل حتى إذا كانت كل واحدة منهن في بلد ، وإن كانت كل منهمن على دين، بل انه أثم الرجل اذا طلق احداهن قبل ايفائها حقها من القسمة! و يقسم للحائض و النفساء و المريضه لأن القصد من القسمة الأنس و ليس الجماع، ولا يحل له ان يسكن الاولى مع الثانيه الا بموافقتهما.
فإذا رجعنا لأحكام ديننا الحنيف وجدنا ان التعدد لم يكن يوما استهانة بالمرأة ولا حطا من قدرها ومكانتها.

فاتن نبيل -21 يونيو 2013
 مراكش


أشياء لا أحبها



لا أحب أن تلقب المرأة ب"كُنْيَة" رجلها بعد الزواج، فيلغى بذلك اسمها العائلي الذي منحه لها الوالدين. هاته القاعدة مطبقة في الدول الغربية، وأيضا في العديد من الدول الاسلامية والعربية، وحاليا بدأت تنتشر بين المشاهير المغاربة من نجوم الفن والسياسة والعمل الجمعوي. أجدها إجحافا في حق الآباء وعقوقا لهم، فما معنى أن ينجب ويربي ويعلم ويؤدب ويُجهز ويُزوِّجَ وبعد ذلك تُنْسب المرأة لزوجها..

أكره السياسة ولا أستسيغها فهي تشعرني بالغثيان وحكة الأسنان.. أجدها لعبة قذرة تلوث كل من يقترب منها. قالوا لي أن ليست القذارة في السياسة لكن في اللذين لوثوها، أردت تصديقهم لكني لم أجد إلا النتانة في أبهى صورها، فحتى اللذين يحاولون جعل الكأس نصف مليئ قد يسلمون أنفسهم لأفكار شيطانية.. تلك إذن لعبة السياسة.