أنا والجزائر وأشياء أخرى
سألني بصمت:
- ماذا تعرفين عن الجزائر؟؟
أجبت بصخب:
- الجزائر، هي أقرب دولة عربية للمغرب، عاصمتها مثل اسمها وعملتها دينار كجل بلدان الضاد. نتصارع معا على صحرائنا وهم لا يحبوننا رغم أنهم يشبهوننا..
ولم أستطع إضافة كلمات أخرى.
هذا كان وبكل بساطة كل ما كنت أعرفه عن دولة الجزائر الشقيقة، وربما يتقاسم معي الكثيرون نفس المعلومات السطحية التي جعلتنا نثرثر بكلمات قليلة عن بلد نتشارك معه التاريخ والحضارة والمستقبل أيضا لو أردنا ذلك.
طلب مني أحد الأصدقاء يوما شراء عدد من مجلة المساء المغربية، خصصته آنذاك لدراسة شاملة حول تاريخ النزاع الجزائري المغربي على مر العقود واختلاف الملوك والرؤساء الذين تعاقبوا على حكم البلدين، وصولا لعهد بوتفليقة وملكنا محمد السادس. قال صديقي حينها أن هذا العدد يجب أن يكون في منزل كل مغربي، فاقتنيته وقرأته ثم حفظته، وبعدها بدأت أتعرف على الجزائر أكثر.
قرأت عن استعمار الجزائر والمغرب، وعن حرب الرمال الشهيرة بعدها. عن المغالطات التي ندرسها في تاريخنا وعن نقيضها الذي يدرس في المقررات الجزائرية. كيف نظن أننا حررناهم ويظنون أننا استعمرناهم. أخطاء عديدة وقع فيها الشعبان معا، حتى صارت الهوة تكبر يوما بعد ٱخر بينهما، وتوسع معها الفجوة الكبيرة التي جعلت الخاسر الأكبر في كل هذا: المغرب والجزائر.
وقد جمعني التدوين مع أصدقاء جزائريين، فبدأت أقرأ لهم وأعرف أفكارهم. كانوا أقلية نعم، لكن ربما هم يمثلون أفكار بني شعبهم الذي مل من الصراع الفارغ مع المغرب حول أرض تستنزف منهم ومنا. ومل من شتات شمل فرقته السياسة اللعينة بعد أن جمعته علاقة الدم.
أتذكر بابتسام كبير كل الصراعات التي سمعتها بين مغاربة وجزائريين في غرف البالتوك والمنتديات العربية، من سب وشتم وقذف متبادل في الأعراض، وما إن يدخل أحد الجزائريين أو المغاربة في مشكل مع عربي من جنسية أخرى، حتى يتحد الطرفان ضده ويهاجمونه، وهم يشيدون بالعلاقات التي توحدهم ومشاكلهم البعيدة عن باقي دول العرب.
تذكرني هاته الصراعات دائما بمشاكل كرة القدم، كيف يعاتب البيضاويون الرباطيين، وكيف يتشاجر الفاسيون مع الأكاديريين، ويتقاتل المسفيويون مع المراكشيين.. وحينما يتعلق الأمر بالمغرب، فالكل يصبح بيضاويا ورباطيا وسوسيا وفاسيا ومراكشيا ومسفيويا. يجمعهم المغرب ولا تفرقهم صراعات تضحك أحيانا وتؤلم في أحيان أخرى.
أكتب عن الجزائر لأني سألت يوما بعض أصدقائي عن الدول العربية التي يتمنون زيارتها يوما ما ( طبعا بعد زيارة المغرب الحبيب)، تنوعت إجاباتهم ومع حديثهم وجدت أني أتمنى زيارة الجزائر كأول بلد عربي أشتاق له. أريد أن أرى المميز في بلد نقطع آلاف الكيلومترات في ساعات طويلة لنصل إليه، بينما لا تفصلنا عنه سوى عشرات الكيلومترات ( فين وذنيك رآآآآآآا هيآآآآآآآا)، أن أعرف المزيد عن من قيل أننا نتشابه معهم في كل شيء: النظام واللانظام، كثرة الكلام والاهتمام والنضال الدائم من أجل الحصول على بعض الاهتمام والاحترام..
كم جميل أن نرى يوما علاقة صافية بحدود مفتوحة بين المغرب والجزائر!!!
كم أتمنى حقا أن نتذكر دوما أن ما يجمعنا أكبر مما يفرقنا..
كم أتمنى ذلك ...
هامش: صفحة الفايسبوك للمطالبة بفتح الحدود بين المغرب والجزائر
مصدر الصورة