أطفال...لكل شيء



سمعت مثلما سمع السامعون ، أنه في مكان ما ، في هاته الأرض السعيدة، تستغل البراءة في كل أطوارها  ، ويستخدم الأطفال في كل شيء 

سمعت أن الملائكة أصبحت تباع بأقل الأثمان ، أطفال للبيع هنا وهناك . رضع بابتسامة لا يعرفون غيرها شعورا ، صاروا يتداولون في سوق مفتوحة ، أبطالها أمهات يائسات ، وتاجرات سيئات ، وقانون لا يحمي الملائكة من جشع التجار.أما الموضة الحديثة فتقضي بربط الصغار وتقديمهم للمزاد : 1..2..3.. من يدفع أكثر يكن السباق للشراء

سمعت أيضا ، أنه في مكان ما من هاته الكرة الأرضية ، يقدم الصغار هدايا لكل من يملك رغبة جنسية مكبوتة ، فصار عجائز الذكور يشترون رضعا لم يكملوا الحولين، يفرغون بين أفخاذهم الصغيرة ، كل ما لم يستطيعوا تقديمه لمن هم مثلهم أو أقوى منهم 

وسمعت أيضا ، فيما سمعت ، أنه في أحد البلدان ، تستخدم الصغيرات إماءً ، فتضربن وتحرقن ، وتشوين وتعذبن باسم العدل. ولما يكتشف الأمر ، تبدأ الضجة ، ويستمر الجنون ، ليفرح بعدها المعذِّْبون بالبراءة العادلة

وسمعت أيضا مثلما سمع الجميع ، أن حتى صغارنا صاروا يستغلون الصغار الأصغر ، فنجد داخل مدارسنا الحكومية ، أطفالا جعلوا هوايتهم تعليم بعضهم تطبيق أصول الجنس ، فيصمت الصغار ، ويصمت الآباء ، وتصمت المدارس. وإذا تجرأ أحد ونقط ، نلقنه الدرس الأكبر ، ونتساءل بعدها ، لماذا كثر الشواذ بيننا

رشـيـدة



على أمواج اذاعة شذى إف إم المغربية ، حكت قصتها البسيطة. آهاتها أبكت آلاف المستمعين الذين كانوا يبتغون سويعات نشاط وضحك في البرنامج الليلي الممتع

رشيدة كانت فتاة من هذا الزمان  ، من أسرة فقيرة لم تبالي بفقرها . أسرة بسيطة جعلت اللطف والإيمان بالقدر شعارا لها ، بوالدين يفعلان المستحيل من أجل أن يعيش أبناؤهم أفضل حياة ممكنة...لقد عاشت الفقر ، فتحملته ، ورضيت بما فضله الله عليها. وعاشت الجوع فقنعت بالقليل ، شعارها الصمود والتحدي الى النهاية

رشيدة كانت ضحية لسرطان جلد جعل جمالها البرئ يذبل يوما بعد يوم، لكنه لم يسلبها اشراقتها الدائمة. حكم عليها أن تلازم الظلمة ، ولا تعرض نفسها لشعاع الشمس حتى لا يضيع نور وجهها وجسدها. وحده ضوء القمر يحق لها الاستمتاع به ليلا. هي وشقيقها ، أصبحا وراثيا ، من أطفال القمر
ورغم ذلك ، رشيدة تحدت الأمر ، فدرست وتعلمت وحصلت على إجازتها لتحقق ما تمناه والداها ، رغم كل الصعوبات التي واجهتها

رشيدة الآن ، فقدت أجزاء من جسمها ، وأنفها وبسمتها وعينها . وقريبا سوف تفقد وجهها كاملا وبعده سيذبل  باقي جسدها الشاب شيئا فشيئا

تكلمت بهدوء ، هي لا تحتاج لمساعدة مالية رغم فقرها الشديد ، وهي لا تريد احسانا لأنها تؤمن بقدرها ، هي تريد فقط أن يرحمها الآخرون : نظرات الجيران وتعليقاتهم السخيفة على حالتها ووضعية أسرتها ، جعلتها تترجى الموت ، حتى تتخلص من معاناتها ، ليس مع المرض الذي تأقلمت معه ، بل مع كل الذين تؤذيها كلماتهم الجارحة ، وتجرحها نظراتهم الساخرة

رشيدة  حكَتْ قصتها.. فآمن بمعاناتها الكثيرون، أحبوها بدون أن يروها فكلموها وزاروها. تمنت أن يحقق آخر أحلامها ، فيكون آخر من تراه  ، هو المذيع الشاب الذي حاورها ، قبل أن تسلب منها ، العين الوحيدة الباقية التي كانت تستطيع أن تبكي بها


 "مجموعة لمساندة رشيدة على الفايس بوك"
هــنــا

كل عام وأنتم أموات



أيها المغاربة
أخيرا سوف يبدأ مهرجانكم الكبير، سنحتفل معكم بدورة جديدة من الموسيقى الدولية ، سنرقص على ايقاعات العالم ، من كل البلدان. وسنجلب لكم مغنين ، وموسيقيين يطربونكم ، بكل اللغات التي تعرفونها أو التي تجهلون معانيها ، المهم فقط أنكم سترقصون على نغماتها

أيها الراقصون
نعلم أنه في ختام السنة الماضية ، توفي عشرات منكم في احدى الحفلات الشعبية ، قيل لي ولكم أن عدد الأموات تجاوز العشرين. لم نقم آنذاك بمثل ما يقوم به المسؤولون الذين يقال أنهم يحترمون أنفسهم ومناصبهم ، فيعلنون الحداد ويوقفون المهرجانات مؤقتا ، لم نقم بذلك لأن المسؤولية لم نكن نحن أصحابها ، بل تسبب فيها كل الشعبويين الذين امتزجت خمرة رؤوسهم بتهافتهم الراقص ، فتزاحموا على أبواب ضيقة وتدافعوا ليقتلوا بعضم. نحن لسنا المسؤولين عن حفل تقليدي في مكان لا يتسع لعدد الأشخاص المقدر حضورهم ، وبالمقابل لا نريد أن تخسر جيوبنا .. أقصد جيوب الدولة ملايين الدراهم التي نكسبها من هذا المهرجان

أيها الناس
تجنبا لمثل حادث السنة الماضية ، ستكون جماهيرنا هذا العام من نوعيات مختلفة ، لم تألفوها من قبل ، كل المغنين الذين رفضوا في دول الجوار ، سيغنون فوق أرضنا رغم أنف الجميع ،سنسعى بواسطتهم لخلق الحدث أكثر مما فعلنا سابقا

أيها الأموات
ارقدوا بسلام ، فقد ميزتم مهرجاننا لفترة ، وقد انتهى دوركم الآن بعد أن نسيكم الجميع ، لما وجدنا طرقا أفضل نجلب بها شهرة أكثر هاته السنة لمهرجاننا المبجل

ايها المغاربة 
انسوا امتحاناتكم ، وأدويتكم، وعملكم وفقركم وطماطمكم ، فموسيقانا ستبدأ 

دقي يا طبول ، استقبالا لمهرجاننا الكبير

أعطني المال ..ودعني



أيها المال سلاما                 واحتراما وهياما
إنني أفنيت عمري               فيك حبا وغراما
ان لي فيك حياةً                  وسرورا وابتساما 
عشت لي ايها المال              مدى الدهر دواما

أعطني المال وخذ هذا الجسد العليل، فبما ينفعني جسد لعِبتْ به الأقدار حينما عاش الجوع، فكان زاده خبزا حافيا ، يأكل كسرة منه فيترك بقاياها لجياع مثله. جسد تعرى في الصيف ، ليس رغبة في اسمرار بلون القمح ، ولا حبا في فيتامينات العظام ، ولكنه اختار لباسا بغير لباس ، لأنه كالعديد من الناس ، لم يجد غير جلده لباسا

أعطني المال ، واملك جسدي ،فلا أملك غيره الآن سلعة أمنحها مقابل مالك. وكن سباقا لاختبار نشوة الجسد اللعوب، الذي دربته الأيام العجاف على تحمل ما لا يحبه، ولم تتمكن رغم ذلك من سلبه ما قد يحبه فيه الآخرون ، من ذوي الأموال مثلك

أعطني المال وخذ علمي ، فما نفع أفكار مثل العصافير، قيل لي ألا أحد يستطيع منع وصولها للآخرين ، لكني وجدتها حبيسة قفص فقير صغير ، يخنقها رويدا رويدا بدون ماء ولا غذاء... وبدون مالِك سيكون مصيرها الفناء

أعطني المال ، وجدد سلاحك بأفكاري ، واجعلني ضربة مدفع ،  تصوبها نحو كل من يخالفك الرأي. ضربة تنسف الآخرين قبل أن تفجر نفسها. مالك سيجعلني عود ثقاب حتى وان احترق ، فهو سيحرق الكثير قبله

أعطني المال ، وتأكد أنك ستجعلني أتمجس ، وأتنصر،وأتهود وأتأسلم وأتعلمن. سأقذف البابا بحذائي ، وأشوي بقرة في نيودلهي ،وآكل همبرجر وسط مكة في صباح أول أيام رمضان ... وبعد كل هذا أفجر نفسي في معبد يهودي.. لن يعرف الآخرون ما ديني ، لأني بالمال سأصنع دينا لنفسي

أعطني المال ، فأصير ذكرا بأنثى ، وأنثى بذكر. أحيانا سأختار لشهوتي شواذا وأحيانا كلابا.. وإن أردتَ يمكنني اختيار مضجي بين جثت الأموات

أعطني المال ، فأدعو لانشاء دولة أنا حاكمها العلني وأنت مسيرها السري. عاصمتها قصر من ذهبك ، وعملتها ذهب من مالِك. وحاشيتها عبيد قدروا ثرواتك ، ولكي لا يقولوا أني دكتاتوري ، سأصنع حكومة وجيشا أحركه من بعيد، فيثور علي متى أشاء ، ولما أريد ، يمنحني الولاء

أعطني المال وصدقني ، لن تعرف بعدها أنت  أو هم ،من أكون ، رغم أني سأكون واضحا لكل العيون..
سأخسر نفسي أحيانا، لكن ما نفع نفسي إذا لم تستطع اسعاد نفسي ، لذا أرجوك، فقط، أعطني المال ... و                بعدها ...دعني