بلدنا يتطور مثل باقي البلدان، فاستعد إذن يا فلان لتغيير بطاقتك العادية بأخرى بيوميترية. بعد سنة فقط من الآن، سنحقق حلم بطاقة الكترونية لكل مواطن، فلتبدأ معنا أولى مراحل التغيير.
-
اليوم الأول: تجهز لتهييئ البطاقة، اذهب عند المصور لصنع 8 صور تعريفية من الحجم السمين.
-
اليوم الثاني: ستحصل على 4 عقود ازدياد تكفيك طيلة الرحلة. اصبر مع ضابط الحالة المدنية، وتحمل اهماله وسيجارته فمصلحتك فوق كل اعتبار.
-
اليوم الثالث: قم بزيارة صباحية ل(مقدم الحومة)، تعلم جيدا أنه يكون موجودا فقط لمدة ساعة يومية، نصفها صباحي ونصفها الآخر زوالي. سيبدأ باستفزازك في انتظار 20 درهم اليومية مقابل شهادات السكنى، اصبر أيضا واصنع أذنا من طين وأخرى من عجين، فشعارك الدائم ( لا للرشوة).
تنال أخيرا شهادة السكنى بخط مقدمك الركيك، فتسرع بتقديم الوثائق الضرورية من أجل شهادة سكنى موثقة تحصل عليها من موظفة لا تحضر إلا ساعتين يوميا. تعدك أن تجد ما تحتاج إليه بعد الزوال، والسبب غياب القائد الذي سيوقع على الوثيقة.
بعد الإنتهاء من غذاء سريع، تعود لتجد الوثيقة مليئة بأخطاء حروف، تطلب من الموظفة إصلاحها فتخبرك أن الخطأ موجود في عقود الازدياد الأولى، تتوسل إليها فتقرر متأففة مساعدتك مع خمسين يمين منك بأن تعيد اصلاح عقود ازديادك في مكانها السابق.
-
اليوم الرابع: تعود للموظف وسيجارته اللئيمة، يتأفف من عودتك وتخبره بضرورة إصلاح الخطأ. يجلس أمام حاسوبه يكتب بأصابع سلحفاة بطيئة، بعد 30 دقيقة يقدم لك نفس الأوراق بنفس الأخطاء. تخبره بالأمر فيغضب ويطلب منك العودة بعد 30 دقيقة أخرى حتى يستطيع تغيير حرفين..
تجلس منتظرا، جميعهم هنا من أجل البطاقة أو الباسبور أو عقود الولادة.. البيروقراطية مملة أحيانا. تنقضي الدقائق لتتسلم الوثائق، وبعد التدقيق يتبين ألا غلط فيها.. تخرج مبتسما فتلتقي بالمقدم المشؤوم، يخبرك أنه يلزمك الحصول على وثائق بالعربية والفرنسية..أووووووف تعود لنفس الموظف الذي يثور في وجهك ويعاتبك لتلاعبك به، تثور أنت أيضا وتكلمه بوقاحة. يسكتكما الحاضرون بغية تهدئة الأوضاع، فوالي المدينة سيقوم بزيارة تفقدية ولا ينبغي أن يرى مثل هاته المشاحنات.
تعود عشية لتحصل على الوثائق كاملة، تبدأ بالعد العكسي للمشوار الأكثر معاناة.. أهلا بك في مركز الشرطة .
-
اليوم الخامس: تصل الساعة الثامنة صباحا إلى مركز الشرطة، طابور كبير في انتظار السيد المكلف بشواهد الإقامة... بعض الناس حجزوا أماكنهم ساعات قبلك. يأتي متأففا أيضا في التاسعة والنصف، فتختلط الطوابير ويبدأ الهتاف وتقديم وثيقة السكنى للتسجيل، طبعا ستجل اسمك فقط كي تقوم بدفع كل الوثائق بعدها..
-
اليوم السادس: تأتي أيضا في الساعة الثامنة وتنتظر نفس الموظف، سجلت اسمك البارحة من أجل تقديم أوراقك.. ينادي على الأسماء وبينهم اسمك.. وأخيرا يأتي دورك لتقدم له كل الأوراق بغية توثيق شهادة السكنى الموثقة أصلا.. أوراقك ناقصة فلا بد لك من شهادة العمل..تبا !!!! لكنها غير مطلوبة في الموقع الرسمي للوزارة ؟؟ لا يهم ذلك، فقط تلزمك الشهادة.
- اليوم السابع: تعود للموظفة السابقة، تستجديها لكتابة مهنتك في الشهادة السابقة، هي أيضا لا حول لها ولا قوة.. القائد يمنع كتابة العمل في الشواهد، ومركز الشرطة لا يقبل شواهد بدون كتابة العمل!!!! معادلة صعبة لها حلين، رشوة أو استجداء؟؟
تتوسل وتتوسل، وأخيرا تساعدك الموظفة متأففة أيضا.
تعود بسرعة لمركز الشرطة، فتكمل تقديم وثائقك، وتأخذ موعدا بعد يومين كي تحصل على شهادة الإقامة.
-
اليوم العاشر: تحصل على شهادة الإقامة، فتجد أن بها خطأ.. تطلب من الموظف تصحيحه، فيتأفف أيضا ويقوم بذلك على مضض..
-
اليوم الحادي العشر: طابور طويل جدا في انتظار صاحب البصمات.. يأتي متأخرا دوما، فيبدأ بشتم كل الواقفين والكل صامت. ينادي على المسجلين، ويبدأ في تسجيل آخرين. أنت أيضا وبعد احدى عشر يوما من الانتظار حصلت على موعد لوضع بصماتك... نلتقي بعد شهرين إذن في نفس المكان.
-
بعد شهرين: نفس الطابور ونفس الازدحام، تدخل مع الجماعة قبل أن تقفل أبواب المركز، جيد جدا، ترتيبك في اللائحة الخامس وهذا يعني أنك ستنتهي باكرا من المهمة الصعبة.. يدخل أول الباصمين، يدخل بعده اثنان وثلاثة وأربعة من أصدقاء الرشوة والزبونية..وأنت تنتظر.. مضت خمس ساعات وأتى دورك، تقدم الوثائق ويطلب منك مبلغ 80 درهم. ماذا؟ واجب البطاقة فقط 75 درهم فلماذا أدفع 80 درهم؟ ليس بخلا مني ولكنها فقط مسألة مبدأ؟؟ ادفع أو ارحل هكذا يحدثونك..ستدفع ستدفع فلست أفضل من البقية.
تضع بصماتك العنيفة ويقدم لك وصل من أجل استلام البطاقة، بعد أسبوعين أو ثلاث أو ....
ملحوظة: عند أخذك البطاقة، انسى الازدحام وسيجارة الموظف وتأففه ولكن أبدا لا تنسى التدقيق فيها بحثا عن خطأ ما..لا أقصد الخطأ في الآية القرآنية شعار المملكة، فقد فقدنا الأمل في تصحيحه ( سامحهم الله)، ولكن في اسمك أو لقبك أو عنوانك أو... طبعا حتى لا تضطر للعودة من جديد لمعاناة الأيام السابقة.
شكرا على تقريب الإدارة من المواطن.