رمضان كريم

ramadan

رمضان مبارك سعيد
تقبل الله صيامكم وقيامكم، وهدانا وإياكم لما فيه خير للجميع
وجعل هذا الشهر مفتاحا للتوبة والغفران ان شاء الله
كل سنة وأنتم طيبون

إيمان في لبنان (5)

اليوم التاسع عشر: بداية العودة


وضعت إيمان كفها على خدها، لتخفف نار الصفعة القوية التي تلقتها من الأستاذ حاتم. وحاولت إيقاف سيل دموعها لكنها لم تستطع، فقد كان صراخه كافيا ليجعلها تخفض عينيها أرضا وتستمع في صمت لكلامه الغاضب.
لم يستسغ الأستاذ حاتم ما حصل، وأراد معاقبة إيمان على الخسارة التي جناها بسببها. فمنذ أيام كلما استلمها زبون  بثمن غالي وحاول فض بكارتها والاستمتاع بعذريتها، إلا ويفاجئ بهيجانها وتحركاتها الجنية وكلامها الغير مفهوم. بل حتى حينما أمرها الأستاذ حاتم بالجلوس في المنزل من أجل إيجاد حل لمشكلتها، لم يستطع الحصول على زبناء لفتياته الفاتنات، بعد أن انتشرت في ملهى الألوان شائعة الجن الذي يسكن إيمان وينتقل بالعدوى لزميلاتها المغربيات. لذا ضعف الاقبال على البنات وكانت الخسارة بالآلاف لمن اعتاد الربح يوميا من تجارة المتعة في ملاهي بيروت.
وبعد أن نالت إيمان نصيبها من الضرب والشتم والصفع، جاء الأستاذ حاتم بقرار نهائي قد يريحه منها ومن مشاكلها، فقد أقسم لها أنه لن يرتاح إلا بعودتها للمغرب لتعيش الذل والفقر مثلما كانت وتستسلم في خضوع للجن اللعين الذي يسكنها.
ابتسمت إيمان في قرارة نفسها بعد أن سمعت بقرار الأستاذ حاتم، فقد أحست بأن خطتها قد نجحت وأنها قريبة جدا من العودة لوطنها دون أن تفقد شيئا من كرامتها وبراءتها.
لكنها استغربت بالمقابل من الشرط الذي وضعه رئيسها قبل أن يمنحها جواز السفر ويساعدها في العودة، فقد أمرها بالاستعداد لجلسة من التصوير تمثلها عارية، كي تكون ورقة ضمان يضعها بيديه كلما حاولت إيمان الانتقام منه أو التبليغ عنه للشرطة.
استسلمت إيمان للأمر الواقع، وأظهرت مجبرة مفاتنها لتلتقطها عدسات المصور الذي سال لعابه بعد أن رأى من إيمان ما لم يره قبلا من أخريات. أحست إيمان بأن جزء منها يسلب مع هاته الصور التي أخذت لها، لكن عزائها الوحيد هو رغبتها في عدم التبليغ عن الأستاذ حاتم وعصابته، لذا فالصور ستبقى في أمان. وستعود إيمان من جديد لوطنها ولأسرتها ولعملها...


يتبع

إيمان في لبنان (4)


اليوم العاشر: بداية المغامرة

أضواء كثيرة تلمع هناك، وأزياء ملونة تلفت الأنظار وهي تختال ثملة. تتحرك رؤوس السكارى وأجساد العاهرات في ملهى الألوان الكبير، حيث اجتمع الأستاذ حاتم رفقة فتياته، تتوسطهن نجمة جديدة تظهر على ملامحها آثار البراءة وضعف التجربة.
اقترب أحدهم من الأستاذ حاتم وبدأ يحاوره، بينما التف حارسين ضخمين حول البنات. توجهت نظرات حاتم ومحاوره نحو إيمان، فابتسمت الأخيرة بهدوء ماكر كأنما تخفي شيئا. والمعروف أن ابتسامة إيمان كانت تسلب الألباب وتحير العقول وتخطف القلوب. وهذا ما كان حتى سميت إيمان أول الفتيات المحظيات خلال هاته السهرة. فمحاور الأستاذ حاتم لم يكن إلا وسيطا لأغنى زبون شهوة في مقهى الألوان، يبحث عن محظيات من العذروات.
دخلت إيمان غرفة الرجل الذي يفترض أن تقضي معه ليلتها الأخيرة كعذراء، فوجدته ينتظرها فوق سرير حريري مميز بابتسامة ماكرة. اقتربت منه أكثر وأكثر بابتسامة أكثر مكر. وما إن جلست فوق السرير وأبرزت فتحة فستانها الجانبية، مفاتن جسد أبيض ناعم، حتى سقطت مغشية عليها. وبدأت يداها تتحركان بسرعة ووجهها يميل بسرعة أكبر ذات اليمين والشمال، ولسانها ينطق بكلمات لم يفهم منها غير كلمتين: بْعَّد عْلِيَّا...
ارتعب العجوز الجالس بثقة فوق السرير، وقفز بسرعة نحو الباب وهو يحاول استيعاب ما حصل، لكنه لم يفهم شيئا. فخرج بسرعة من الباب وهو يصرخ باسم الأستاذ حاتم.
وبعد ساعات مما كان، جلست إيمان والدموع تغالبها رفقة الأستاذ حاتم وباقي الفتيات، وقد غابت صفات الجمال عن ملامحها بعد أن اختلطت ألوان وجهها. ولم يسمع غير صوتها الذي يحاول شرح ما وقع في الغرفة مع العجوز. لكن إيمان أكدت لهم أنها لم تدر ما وقع، فقد تكرر هذا الأمر معها كثيرا لما كانت بالمغرب، حتى أخبرها أحد الشوافين هناك بأن جنا عيساويا يسكنها ولن يسمح لها أبدا بمعاشرة أي كان ما لم تستلم له أولا.
ضحكت البنات ومعهن الأستاذ حاتم، قبل أن يفجر غضبه الكبير على إيمان، ويطلق لعنات لها ولذريات أسرتها كاملة، بعد أن أضاعت منه اليوم مبلغا كبيرا من المال. ليصرخ بصوت عال ارتجت له جدران المنزل الكبير:
استعدي فغدا ستعملين كذلك، لعلك تعوضين ما ضيعته اليوم.
ابتسمت إيمان في صمت ساخر، فهي متأكدة أن الغد سيأتي بالجديد أكيد...


يتبع

قصة خطأ طبي


من مدونة الأخ أحمد الدكالي، أنقل لكم قصة فتاة شابة في العشرينيات من عمرها، تسكن في هذا الوطن السعيد. يتيمة الأب، وحيدة أمها وخالتيها. تعيش لتحيا قصتها فقط، دونما الحاجة لمغامرات تسيرها أو تشويق يثيرها أو أحداث ترسم الاختلاف في معالمها.

بدأت حكاية بطلتنا لما لمحت الأم في أحد الأيام المتشابة، انتفاخ بطن ابنتها بشكل غير طبيعي، فبدأ الشك يراودها وقررت أن تأخذ ابنتها لأقرب طبيب كي يقوم بمعاينة البطن المنفوخ.
وفي العيادة، قام الطبيب بفحص الفتاة بطريقة عادية، ونادى على الأم كي يهنئها بحمل ابنتها بل ويقدم لها تفاصيلا حول الجنين وتحركاته بقدمين صغيرتين ويدين جميلتين. كانت المفاجأة كبيرة جدا على قلب الأم المصدومة، فلم يكن منها إلا أن انسحبت بسرعة ممسكة بيد ابنتها ومتوجهة نحو المنزل، وهي تحاول إخفاء البطن المنفوخ مخافة نظرات الجيران التي لا ترحم.

حاولت الأم والخالتين انتزاع اعتراف من الفتاة بوالد جنينها، بعد أن أسمعاها وابلا من الشتائم بسبب الفضيحة التي سببتها لأسرتها الصغيرة. ولم تشفع توسلات الفتاة ولا أيماناتها في إيقاف سيل الشتائم رغم أنها أقسمت آلاف المرات ألا رجلا لمسها وأنها مازالت تحافظ على شرفها ولم ترتكب أي خطيئة.
واستمرت حملات التعذيب والترهيب من الأم والخالتين، بغية معرفة والد الطفل، لكن الفتاة التزمت بجوابها وإيمانها بعذريتها. فبدأت النساء يبحثن عن أسباب ممكنة لهذا الحمل العجيب دون أن يتوصلن لجواب يشفي غليلهن. حتى اقتنعن أخيرا بضرورة أخذ الفتاة لطبيبة نسائية، تؤكد لهم الحمل وتوضح لهم أسبابه الممكنة.
وكذلك كان لما تم الفحص الثاني، لكن هاته المرة كانت النتيجة عكس كل التوقعات، لما أكدت الطبيبة أن سبب هذا الانتفاخ هو سرطان خبيث يكبر شيئا فشيئا في بطن الفتاة. ذهلت الأم وابنتها ولم يعلما ان كانا سيفرحان بسبب براءة الفتاة من خطيئة الحمل بدون زواج، أو سيحزنان للورم الذي سيقضي على حياة شابة في مقتبل العمر. طلبت الأم من الطبيبة أن تكتب لها تقريرا يثبت مرض ابنتها، وذلك بغية البحث عن علاج نافع قد يعيد الأمل للمريضة، وأيضا من أجل مواجهة الطبيب الذي أكد بهتانا حملة فلذة كبدها العذراء البريئة.
توجهت الأم بعد ذلك مع ابنتها إلى الطبيب الأول، وطلبت منه إعادة اجراء الفحص. فأكد كلامه السابق بوجود حمل، بل وحدد عمر الجنين في ستة أشهر ونصف. وبدأ يقدم نصائحا للحامل وأمها. وماكان من هاته الأخيرة إلا أن طلبت منه كتابة شهادة طبية تثبت حمل ابنتها، وهذا ما كان.
غادرت الأم وابنتها العيادة حاملة شهادتين طبيتين متناقضتين. وطلبت من ابنتها التوجه مباشرة للمنزل وهي تحمل اعتراف الطبيب الخاطئ بالحمل الكاذب. أما هي فقد رجعت للعيادة كي تواجه المخطئ بخطئه الذي كلف الأم وابنتها أياما طويلة من العذاب والإحساس بالعار.
حاول الطبيب بعد صرخات الأم أمام زوار العيادة إرجاع الاعتراف الخطي الذي يقر فيه بالخطأ الكبير الذي ارتكبه، لكن الأم أخبرته بأنها لا تملك شيئا وبأنها قد خبأته بعيدا كي تستعمله في مقاضاته. بدأ الطبيب يزمجر ويهدد ويحاول التدخل بعنف ضد الأم التي صدته وتوجهت مسرعة نحو أقرب سيارة أجرة. ركبتها مستعجلة طالبة حماية السائق من الطبيب الذي جعله الرعب من فضيحته الخاطئة، يبدو ككلب هائج يحاول بكل الوسائل اقتناص ضحيته حفاظا على مسيرته المهنية.
استسلمت الأم لقدرها وحاولت مقاضاة الطبيب، لكنها وجدت رفضا من المحامي الذي فضل الحديث مع المعني بالأمر من أجل التوصل لحل ودي، مما اضطرها للجوء لمحامي آخر. ومن جهة أخرى، بدأت حالة الفتاة تتدهور، مما استوجب نقلها على وجه السرعة للمستشفى، فبقيت هناك طريحة الفراش بعد أن أكد الأطباء أن مرضها في طور جد متقدم، وأن أشهر حياتها معدودة على رؤوس الأصابع. ومع ذلك، حافظت الأم المكلومة على الأمل، وساعدت ابنتها في الحصول على علاجها الكيميائي الذي بدأ يأخذ من شبابها وجمالها كل يوم، ليجعلها تبدو أضعف وأكثر مرضا.
لكن القدر كان أكبر من إرادة البشر، وسلمت روح بطلتنا إلى خالقها. وفوضت الأم أمرها لله عز وجل، فلم تبالي بعد ذلك بخطأ الطبيب الكبير، ولا طمع المحامي، ولا غياب العدالة، بل قررت أن تترك ذكرى طيبة عن ابنتها لترقد بعد ذلك بسلام بين يدي  من لا يضيع عنده حق.


هامش:
لقراءة القصة في مدونة أحمد الدكالي:
الجزء الأول: هنا
الجزء الثاني: هنا
الجزء الثالث: هنا


إيمان في لبنان (3)


اليوم الثالث: بداية المعاناة

هكذا هي الحياة، منصفة أحيانا وظالمة في أحيان كثيرة. وهكذا هي الدموع، لا تجد راحتها إلا عندما تصنع أخاديدا عميقة في الوجوه المبتسمة والقلوب المنتصرة.
لم تستطع إيمان، الفتاة المفعمة بالأمل، أن تستيقظ من هول الصدمة وهي تجد نفسها ضحية أناس احتالوا عليها. لما صنعوا لها من الوهم حلما جميلا، جعلته حقيقة في خيالها تستطيع بها تغيير واقعها وواقع من يحيطون بها نحو الأفضل. لتجد نفسها الآن سجينة منزل كبير، لن تخرج منه إلا نحو أحد فنادق بيروت الضخمة، ومنه لأحضان أول من سيدفع أكبر ثمن للحصول على جسد إيمان الجميل.
حاولت إيمان اقناع السيد حاتم، وتوسلت إليه مرات ومرات لإقناعه بعدم علمها بالسبب الحقيقي الذي أتوا بها من أجله للبنان. لكن كلماتها لم تشفع لها، فهو كان يعلم أن كل المغربيات اللواتي يبعثن له في طرود حمراء، تحت غلاف مهن مختلفة، كن مستعدات لبيع أجسادهن لكل من هب ودب مقابل حفنة مال.
انقطع الاتصال بين إيمان وأسرتها، ولم تجد أبدا فرصة للهروب من السجن الوردي الذي أجبرت على البقاء فيه. وكانت تملك فقط حرية الحديث مع رفيقاتها في السكن هناك. فتيات في مثل سنها أو أصغر، يخرجن يوميا لاصطياد ضحاياهن، ويجبرن يوميا على العودة لنفس المنزل. 
تبادلت الحكايات معهن، وتعرفت على قصص بنات مررن قبلها من نفس المنزل: على فتيات انتحرن، وأخريات رجعن لبلدهن بعد أن صنعن ثروة كبيرة من الذهب والمال، وأخريات تزوجن من أغنياء الخليج، وأخريات تمكن من الهروب..
لكن إيمان لم تكن أبدا تريد أن تفرط في نفسها، خصوصا بعد أن علمت أن الأستاذ حاتم قد يربح منها أموالا طائلة لأنها مازالت عذراء. لذا فكرت كثيرا قبل أن تجد قرارا قد تستطيع به الحصول على حريتها.
مضى شهر كامل وسجن إيمان مازال مستمرا، ولا تخرج منه إلا لشراء الملابس بمرافقة اثنين من أسمن الحراس الشخصيين. ومع نهاية الشهر، فتح الباب الحديدي من جديد، على وجه الرجل الوحيد الذي يملك كل المفاتيح هناك. ابتسم بسخرية محدثا إيمان:
- جهزي حالك حلوتي، ستبدئين العمل اليوم..


يتبع