مساء النور،
فكرت ليلة أمس بكتابة كلمات بسيطة عن حلول السنة الهجرية الجديدة، عادة ألفتها كي أبارك لأصدقاء المدونة كل المناسبات التي اعتقدت أنها تهمهم وتهمني. للأسف لم أستطع خط أي كلمة, تماما مثلما يحصل معي منذ شهر تقريبا. أحاول أن أجبر نفسي على الكتابة كي أهرب من الأفكار المتزاحمة في رأسي الصغير، ولكن دون جدوى...
في ذلك الوقت الذي كثر فيه اللغط عن الفائدة من استعمال النظام التقليدي لمراقبة الهلال، من أجل تحديد بدايات الشهور الهجرية ونهاياتها، عوض الاستفادة من الحسابات الفلكية الدقيقة، كان العالم الافتراضي ( وربما الواقعي أيضا) يضحك من الأخطاء التي وقعت فيها قناتينا المبجلتين، حينما أعلنت احداهما أن بداية السنة ستكون خميسا بينما أقرتها الأخرى بالجمعة. فكان الضاحكون مهتمون فعلا بالأمر إذ أن احتفالهم بذكرى هجرة نبينا الكريم عليه صلوات الله أجمعين ستتزامن مع "ويكاند" أي أن ساعات الراحة ستكون أطول وأفضل.
وفي ذلك الوقت أيضا، كانت نيران اسرائيلية تحرق في أطفال غزة، وصواريخ قاتلة تخترق أشلاء الفسلطينين وسط صمت عربي وعالمي. لم أعرف عن الأمر إلا عبر تغريدات الأصدقاء، وأحاول أن أعاتب نفسي بعد معرفتي ببعض التفاصيل. ربما لست الوحيدة، فكثير هم الناس الذين لم يعودوا يهتمون بما يحدث في فلسطين أو سوريا أو... فقدوا الإحساس بالقضية بعد أن تعودوا تكرار السيناريوهات بين الفينة والأخرى. وتستمر الحياة..
هم يموتون هنا ويحيون هناك.. ونحن أموات هنا وهناك..
وقبل ذلك الوقت بساعات، قرأت موضوعا عن شابين أحدهما خليجي يدرسان في إحدى الجامعات العالمية العريقة بالإمارات، ضبطا عاريين يمارسان الجنس في سيارة. لأسمع بعد ذلك عن شريط بورنوغرافي لشابين مغربيين، أحدهما استمتع تحت تأثير المخدرات برغبات الآخر المستمتِع بالتصوير. الشريط انتشر سريعا عبر الفايسبوك، وبسرعة أكبر عرف بطلاه وحكايتهما، وانضمام الذكر فيهما للجيل الجديد من رجال التعليم الذي يعول عليه لبناء أجيال الغد.
بدأت أفكر إن كان للناس الحق في نشر هذا الشريط وفضح أصحابه، وخصوصا الفتاة التي ستكون هي وعائلتها في موقف لا يحسدون عليه ( بعد متابعتهما). لكن ربما يكون ما حصل سدا أمام العديد من الأشخاص لكي لا يتكرر الأمر مجددا، فيتعظ الشباب بعد الحساب، ويتعظ الآباء بتحسين تربية الأبناء.
أحيانا، يجب أن نعالج الجرح جيدا قبل أن نغطيه، وإلا سيكون مصيره التعفن..
قد يسألني القراء وما علاقة رأس السنة الهجرية بما يقع بغزة وبالفضائح الجنسية لشباب العرب؟ سأقف حائرة أمامهم لأنهم قد يرون ما لا أراه، وقد يفهمون ما لا يعرفون. فأنا مثلهم، أعيش في أمة اسلامية تناست أنها تتناقش عن عطلة تريح بها أجسادها الحية وأرواحها الميتة، في يوم مشابه لذاك الذي حمل فيه رسولنا رسالته بروحه هربا من مطارديه، كي يؤمن انتشارها ووصولها لنا. أمة ألفت الهوان حتى صارت مشاهد الموت عندها عادة، وإنقاص صوت الآهات عند الصلاة والآذان، هو العبادة.. أمة جعلت عقولها ذرات تتحكم بها هرمونات الجنس، حتى صارت لحومهم تباع بالبخس.
لا أعرف العلاقة يا أصدقائي، فأنا فقط لبيت نداء قلمي الأحمر الذي أبى إلا أن يصرخ:
وآآآآآآآآآآآآآآا إسلامآآآآآآآآاه
مصدر الصورة