الانتظار يزيد الخطر


عندما تولد، تصرخ، تفتح عينيك، فتنظر لوجه بشوش يبتسم لك... يحضنك فتحس بالدفء الكبير. علاقة وطيدة تنشأ بينك وبين الصدر الحنون الذي يضمك, تبدأ أولا بابتسامة فاحساس بالأمان..

تكبر شيئا فشيئا، فيكبر بداخلك نفس الإحساس الأول بل أكثر...تبكي فيسكتك الحضن، تجوع فيطعمك الصدر، تبرد فيدفئك نهد لم تعرف غيره ملجئا لك في كل اللحظات.

تكبر أكثر مرة أخرى، تصبح ولدا، ثم مراهقا، ثم شابا..... وفي كل مرة، تشتاق لحنان صدر تنسى باحتضانه كل هموم الدنيا..
تختلف النساء الحاضنات،  أم أو زوجة: نفس الاحساس الدافئ يتكرر كل مرة..لكن، ماذا لو اختفى هذا الشعور الجميل، ماذا لو عجز الصدر الحنون على العطاء؟؟ كل شيء سيتغير أكيد بعد ذلك...


سرطان خبيث قد يصيب نهود النساء، يبدأ بتكتل بسيط في الثدي، ثم يكبر ويكبر، فتكبر معه المضاعفات والآلام المشتركة..وتتضاعف المعاناة مع الانتظار..لكن، ماذا لو كان بإمكاننا تفادي كل هاته الأمور؟ ماذا إن واجهنا المرض منذ البداية فلا تصل بنا الأوضاع لما لا تحمد عقباه؟
في بلدي المغرب،  تنظم كل سنة حملة من أجل تسليط الضوء على أخطار سرطان الثدي، وتوجيه كل النساء ( وخصوصا من تفوق أعمارهن 45 سنة) للفحص المبكر للمرض من أجل تجنب كل العواقب الناجمة عن تأخر التشخيص. ومنذ 12 نونبر من هذا العام، بإشراف من جمعية لالة سلمى لمحاربة داء السرطان، تتحدث كل وسائل الإعلام المغربية عن ضرورة التوعية من أجل الفحص المبكر للكشف عن سرطان الثدي. أمر قد يتم بسهولة كبيرة، وقد يساهم في تجنب عدد كبير من الوفيات كل سنة بسبب هذا الداء الخبيث.

أكثر من 7000 امرأة تتوفى كل سنة بسبب سرطان الثدي، أي أن عشرات الآلاف من الضحايا تتغير حياتهم للأبد لنفس السبب. كل هاته الأرقام ستتغيرللأفضل إذا ما كانت هناك إرادة كبيرة من أجل مواجهة هذا الداء الخبيث بكل صرامة. وبداية المواجهة تكون بالفحص المبكر، فبكل بساطة : الفَحص بَكْري بِالذهَبْ مَشْرِي.

لكل النساء اللواتي يهمهن الأمر، ولكل الرجال الذين يهمهم أمر من يحطن بهم من النساء. جميع المراكز الصحية بالمغرب مفتوحة من أجل الكشف عن سرطان الثدي. فحوص بسيطة بفائدة كبيرة. وباذن الله : مايكون غير الخير..

عودة لحـكايـة درة



السلام عليكم،
حينما كتبت حكاية درة، لم يكن في نيتي إلا أن أروي بطريقة سَلِسَة قصة فتاة سمعتها تحكي معاناتها على أمواج إحدى الإذاعات الخاصة في المغرب. فتأثرتُ بتغيرات الأحداث في حياتها لَمَّا عاشت الغنى والحب والحلم والبؤس والموت. أحببت فقط أن أشارك كل من يهمهم الأمر بعضا من واقع فتيات هذا البلد السعيد. إلا أن ما حصل بعد حكاية درة، كان حقا مميزا بالنسبة لي: لما بدأ الأمر بإلحاح من بعض الصديقات على إنهاء الحكاية بسرعة، وانتظار آخرين بشوق لكل الأجزاء. وحتى من ظننت أنهم لا يهتمون ولا يبالون بما أكتب، صاروا يسألونني عن الأحداث في حياة درة. لتكون مفاجأتي أيضا بعد أن عرفت أن بعضا من أفراد عائلتي أيضا كانوا يتابعون في صمت نفس الحكاية.
تفاصيل الحكاية لمن لا يعرفها :

درة أيضا كانت مصدر تأثير في بعض المدونين، فجلال الدين ( دكتور ويب) قد خصص موضوعين في مدونته من أجل قراءة ما بين سطور الحكاية، فكانت مناسبة لي أيضا لأقرأ بين كلماته ما غفلت عنه أثناء كتابتي للحكاية.

ويبدو أن درة ما زالت ترافقني رغم مضي شهر كامل على كتابة آخر أجزائها ببداية جديدة وسعيدة، ليكون الختام دراسة نقدية شاملة وكاملة للحكاية من بدايتها لنهايتها، من المدون البدع قلم ثائر في مدونته المميزة.... لأجيب أخيرا عن سؤال كان يقض مضجعي ههه: لأي جنس أدبي تنتمي حكاية درة?  وأعلم أخيرا أن عنوانها حمل كل الاجابات الممكنة  لأن ما كتبته وما جعلني أعرف الكثير عن الكثير، هو بكل بساطة حكاية ، يعيشها كل يوم ، كل واحد فينا، يملك في دواخله درة تجعله مميزا عن الباقين.... شكرا درتي على كل شيء.
لا تنسوا أبدا أننا نصنع أخطاءنا بأيدينا، لكن أقدارنا هي التي تدفع الثمن 

سلآآآآآمووووووووووووووو

عيد مبارك سعيد



عيد أضحى مبارك سعيد لكل أصدقاء المدونة، وللأمة الاسلامية جمعاء. 

إعلان وفاة




غادرتُ غرفة "الداخل المفقود" بوجه مصفر وعينين ذابلتين، فلأول مرة سوف أوضع في موقف لا يحسدني عليه أحد. نظرات أصدقائي المختلفة مازلت أذكرها، فمنهم من رمقني بتأسف وحزن ، ومنهم من شعر بفضول ليرى كيف سأتصرف، ومنهم من تمنى لو عاش التجربة التي سأخوضها. وتمنيتُ مع هؤلاء لو أنهم كانوا مكاني في هذا الوقت الذي ترجّيتُ فيه أن تنشق هاته الأرض الباردة وتقتلعني.

سرتُ في الممر نحو غرفة الانتظار ، وإحساس بأن الجميع ينظرون إليَّ زاد من توتري ، حاولتُ تفادي هذا الشعور فبدأت أقرأ آيات قرآنية نسيتها في هاته اللحظات، فقلبي كان ينبض بسرعة ويدي ترتجفان وذهني لا يفكر إلا بوجه تلك الفتاة : كيف سيكون بعد أن أخبرها بأننا قد فقدنا والدتها . كيف سأعْلِمُها بأن آخر من تبقى من أسرتها قد اختار الرحيل لملاقاة وجه ربه ، وأنا من كنت دوما أزرع الأمل في قلبها الذابل وأخبرها بأن والدتها سوف تعود عما قريب إلى المنزل معافاة وبصحة جيدة.

آه لم أقتنع أبدا بالأسباب التي جعلت أستاذي يوكل إلي هاته المهمة الصعبة ، في وقت كان إعلان الوفاة فيه من مهامه الخاصة. لكنه أمرني هاته المرة أن أتكلف بالأمر كي أتحمل مسؤوليتي ، فبعد أن زرعتُ أملا كاذبا في قلب ابنة المرحومة، فإني الوحيدة التي يجب عليها أن تقول لها الحقيقة وأن تواجه ردة فعلها.

ممر طويل صادفني، تمنيت لو أن الأمر انتهى  في غمضة عين ، لكن هيهات . اشتدت سرعة ضربات قلبي باقترابي من باب غرفة الانتظار ، توقفت قليلا، مسحت دمعتي ، استجمعت أنفاسي ، وزفرت بقوة أفرغت معها كل شعور بالخوف من قلبي.

وقفتُ أمامها ،كم هو حزين هذا الوجه الذابل الذي مُسِحت ملامحه من شدة البكاء طيلة شهر كامل..نظرت إليَّ تستفسر عن الجديد بعد أن أفزعها إسراعنا بوالدتها لغرفة الإنعاش.
- البركة فراسك أختي.. إرادة الله كانت أقوى

ولم أدرِ بعدها ما حصل، ولا كيف تصرفت الفتاة، حتى وجدتُ نفسي في غرفة الطلاب  ، وزملائي يحيطون بي  بوجه مبتسم يخبرني أني فقدتُ وعيي وأنا أعلن خبر الوفاة  ، وبأن الفتاة  ما زالت في انتظار استيقاظي لتودعني مع جثة أمها وتشكرني على كل ما قدمته لها من مساعدة طيلة هاته المدة.

مقتطف من مجموعة مذكرات طبيب

بلا ماضي


أخبرته أنها امرأة بلا ماضي، فقط  صفحة بيضاء، وأنه أول رجل عرفته. أكدت له أنها لم تكن أبدا على علاقة بأحد قبله، ولم تبدي في حياتها اهتماما إلا به. رغبت بأن تنسى كل شيء، وتبدأ صفحة جديدة معه.غروره جعله يصدقها، ويحسب بعدها أنه محور حياتها التي كانت لا شيء بدونه.

مسحت كل أرقامها القديمة ورمت هاتفها في سلة المهملات، لتشتري واحدا آخر به رقمه هو فقط.. غيرت بريدها الالكتروني، واستعدت لحياة جديدة تكون بدايتها برفقته..لم تحسب أبدا، أنه في أول أيام زواجهما معا، سوف يسمع حديثها النائم وهي تبوح بكل أسرار علاقاتها السابقة وأسماء كل الرجال الذين سمعوا نفس أسطوانة العفة السابقة.