عن 20 فبراير سأتكلم



قد تكون هاته أول وأسرع تدوينة أكتبها مباشرة، في لحظة اختلطت فيها مشاعري بين الحسرة والتأسف والغضب والخوف والبكاء، وأنا التي تعودت أن أراجع كتاباتي عشرات المرات قبل أن أؤذي أحدا بكلماتي.

لكن الآن نعم، سأتكلم عن 20 فبراير...
لأني وبكل بساطة مغربية.
مغربية علمت أن المغرب ليس تونس ولا مصر ولا ليبيا ولا غيرها... هو بلد له خصائصه، لأن أبناء أجمل بلدان العالم، هم أغرب شعوب العالم.

صمتت طويلا لما رأيت الدعوات لثورة جديدة في بلدي، من أشخاص عرفت خلفياتهم الايديولوجية والثقافية والسياسية. اختلفت معهم في أفكارهم ودعواتهم. ناهضتهم في صمت وتكهنت بنياتهم التي لا يعلمها إلا الله. لكني في صمت أيضا احترمت رغبتهم في التغيير، فكيف لا أحترم رغبات شباب بلدي؟
كنت على يقين تام بأن التغيير يجب أن ينبع من أنفسنا، وبأن الثورة تكون دائمة ولا تحتاج لتاريخ كي نخلدها، وبأننا يوم نرى لصا يسرق أمام أعيننا، فنزجره، سنكون حينها قد بدأنا نضالنا الحقيقي نحو التغيير الذي نستحقه.
رأيتهم يركبون على ظهر الثورة فضحكت صامتة.
ورأيتهم يوم العشرين، يصرخون ويهتفون، فدعوت بصمت ومن أعماق قلبي أن يحفظهم الخالق من براثن رجال الأمن، وينجيهم من زرواطة النظام.

لكني الآن لن أصمت...

لن أصمت لأني أحمل قلما بيدي وسكينا باليد الأخرى، احتجتها الآن لأدافع عن نفسي بعد أن اقتحم عدد من القاصرين( سنا وعقلا) الهمجيين حينا، ليكملوا مسيرتهم التدميرية التي كسروا فيها وأحرقوا محلات وأحياء مدينتي الحمراء الجميلة.
لن أصمت بعد أن سمعت صرخات صديقتي التي تستغيث لما هاجم بعض الهمجين محل الملابس الداخلية الذي تعمل به، فعانقوا دمى العرض وحملوا حمالات الصدر معهم بعد أن زرعوا الرعب في كل الموجودين هناك.
لن أصمت بعد أن أحرقوا كل شيء هنا...
لن أصمت بعد أن سرقوا كل شيء هنا...
لن أصمت بعد أن حاولت الإتصال بالشرطة مرة ومرات ولا من مجيب، وبعد أن عجزت السلطات على تفريق حشود حاملي السيوف والسكاكين الهمج.

لن أصمت وسأتكلم، لأقول لكم اصمتوا ولا تتكلموا عن الثورة أو الحرية..
الحرية التي تنشدونها ليست كل شيء، ومن يريد التغيير عليه أن يستحقه. كثفوا جهودكم لبناء جيل جديد، فبذلك ستنجحون الثورة التي نريدها جميعا.
لكن الآن، فقط اصمتوووووووووووا ا ا ا


ثرثرة قـلـم


عذرا،
فقلمي الأحمر لم يستطع أن يخط كلمة منذ فترة، يشعر برغبة كبيرة في الكتابة، لكن بمجرد أن يلامس حبره بياض الورقة، حتى يحس بالتعب والملل والارهاق..

ينظر حوله، الكل يتحدث لغة واحدة: الثورة. فمنذ أن بدأ العالم العربي يشم ياسمين تونس، حتى صارت الثورة على لسان كل من ينطق الضاد. وبدأت قلوب الناس تشتاق لفل مصر، يتحدثون عن المصريين، عن سخريتهم وصمودهم، عن نضالهم ومساندتهم، وعن رئيسهم والواقف بجانب نائبه. توقفت الساعة هناك، كما هنا ليلة سقوط الفرعون الأخير.. وبعده اتجهت الأنظار لورود أخرى اشتاق الجميع لشم عبيرها، بعد أن تسقط مستقبلا أنظمتها الظالمة: بوتفليقة وجنرالاته، ابن الأسد عدو الفايسبوك، أمير اليمن وحاكم البحرين والقذافي مع تدخلاته المتهورة دوما.

يريدونها أيضا ثورة في بلدي، وقلمي يتأمل في صمت..يعلم بأن ما نحتاجه هو ثورة في العقليات، تستطيع تغيير واقعنا للأفضل فقط إن غيرنا من أنفسنا... ورغم كل شيء، قلمي لا يريد أن يطيعني فيكتب!!!
حدثته أيضا عن ثورة بيضاء أعيشها في كليتي، عن اضرابات وطلبة وأطفال واعتصام وخطب عصماء. طلبوا منه المساعدة فرفض، يريد أن يفصل بين تدويناته وحياته.. هذا هو قلمي العجيب.

قلمي أيضا، كان قد سُرَّ بقدوم الكأس الافريقية لبلده، ولم يغضب هاته المرة من أولئك الذين رفضوا حمل القميص الأحمر، بل ضحك من صورهم العارية التي تملأ مجلات الأناقة الصفراء. هو الآن يشعر بالغضب فقط من أشخاص ظلوا ينددون بغياب المنشآت الرياضية وملاعب في المستوى، ولما نالوا ما أرادوا، بدأو في تكسير أحلامهم.. من يريد التغيير عليه أن يستحقه، هذا ما يفكر فيه قلمي.

ولما قرر الكتابة، قلمي خط كلمات عن الحب. في نظره، مشاكل البشرية كلها مرتبطة بالحب: لا نعرف كيف نحب، ولا من نحب، ولا كيف نعبر عن الحب، ولا كيف نحافظ على من نحب.. هوالذي لا يقتلنا، لكنه يجعلنا معلقين بين الحياة والموت، حين نحب المال، ونحب الحياة، ونحب الناس، ونحب السلطة، ونحب الشهرة، ونحب الثورة...

الثورة،
هي فقط ما يحتاجه قلمي حتى يعود لرشده، هي فقط ما أحتاجه أنا حتى .......