الباحث عن السعادة


من أرشيف مدونتي السابقة ، قررت أن يكون أول ما أقدم لكم ، هو قصيصة صغيرة لكل من يبحث عن السعادة . لم أعرف أبدا ما السبب الذي جعلني ، أختارها كبداية لمقتطفات من الماضي ، ربما لأنها تجسد الهدف الذي يسعى إليه الجميع في هاته الحياة ، وربما لسبب آخر لم أعرفه 
مرحبا بكل زوار مدونتي ، في عالم   انسان عادي يسكن فينا جميعا ...قراءة ممتعة

sa3ida_sa3ada

أنا انسان عاش خلال 20 سنة من حياة مراهقته وشبابه ؛تجارب عديدة بحثا عن سعادة نشدها منذ أن صرخ أول صرخاته ؛بعد أن لمحت عيناه أول شعاع من شمس عالم ولجه مجبرا لا مخيرا .....اخترت أن أروي لكم قصتي عن السعادة التي قضيت أجمل سنوات حياتي بحثا عنها

¤بحثت عن السعادة بين الكتب ، فوجدت أفكار أناس تناقض بعضها...وجدت جنودا بقلوب ألم تئن من ويلات الحرب ؛ ورجال دين يبحثون عن ايمان ، وصناع قرار يناقضون قراراتهم ، وألسنة رحالة تتكلم لغات العالم ولا تجد من يفهمها؛وشواذا يبحثون عن أرض يخفون فيها مرضهم...وجدت عالما أحسست فيه أني أعرف كل شيء؛ عن كل شيء ، لكني لم أجد فيه تلك السعادة التي نشدتها

¤فبحثت عنها في بلدان الارضية، جلت القارات الخمس أتعرف شعوبا مختلفة وأرى حضاراتها الزائلة واعتقاداتها الباطلة، وحياتها الطويلة.رأيت وجوها صفرا وبيضا وحمرا وسودا ، ببهجةزرور، بحزن وألم ، ورضى بالقدر، بعضهم شعر بالسعادة فعاشها والبعض الاخر استسلم لواقعه وأمضى ما بقي من عمره تعيسا ، فرغبت بأن أكون من الأولين فاستمريت بحثا عنها

¤ظننت أن السعادة مال وغنى فصرفت ثروتي في كل ما حلمت به،اشتريت رغباتي وعشت حياة الثرف، فلم أحسها ..فجربت الفقر بعد الغنى وجربت الجوع بعد الشبع والعراء بعد الكساء ، ناقضت حياتي ودنياي، لكني لم أحسها ، لم أعرف مذاق السرور رغم ذلك..

¤بحثت عن السعادة بين أجساد النساء، فعاشرت السمراء والبيضاء ، الجميلة والقبيحة ، الطويلة والقصيرة ، رافقت نهودا اختلفت جنسياتهن فلم تختلف متعتي معهن، كانت ذاتها، مجرد متعة أعيشها لدقائق أو لساعات تزول بعدها...سرتني تلك الاحضان أحيانا لكني أبدا لم أجد فيها سعادتي المنشودة 

¤رأيت النجوم ضاحكة مبشورة، فتوقعت أن السعادة في الشهرة، امتهنت الموسيقى وصرت أروع عازف قد عرف،صار لي معجبات ومحبات وصار اسمي يلفظ فيبتسم بعده...لكني لم أجد سعادتي في عيون محبي ..فابتعدت عن موسيقاي فنسوني جميعا ، فرفضت بعدها أن يكون سروري زائلا وتيقنت ألا سعادة في شهرة النجوم

¤بحثت عن السعادة في عقيدتي ، فتلحدت وزادني الفراغ وحدة ، وتنصرت فزادني العبث ازدراء، وتهودت فزادتني العزلة عنفا وبغضا، وصرت من أتباع بوذا فلم أرتح برهبانيتي ، واتبعت الهندوس فلم يرقني ألا أجد السكينة بعد مماتي ...ثم تأسلمت فكرهت أن أعرف بقاتل أبرياء يلازمه لقب الارهاب مدى الحياة 

¤اعتقدت أن الصداقة قد تسعدني، فصنعت لنفسي عالما من وهم جعلت  فيه أصدقاء ظننت أني قد أجد السلوى بالحديث معهم وعنهم، سألتهم فوجدت أنهم سعداء ساخطين ، غير مبالين وواعين ، كرهت التناقض فيهم وكرهت معهم أن أعيش في دنيا التناقضات التي حرمتني من السعادة المنشودة

قررت انهاء رحلتي وابقاء الحال على ما هو عليه، جررت أذيال الخيبة ورائي وعدت لبيتي وقد مضت سنون طويلة دون أن أهتم لمن فيه ، فتحت الباب مع زغردات أمي الحبيبة التي انهمرت شلالات دموعها لرؤيتي، والتف حولي اخوتي بقبلات لم أستطع إلا الاحساس بدفئها، ووصلت الى مسامعي دعوات والدي في صلاته بالهداية لي....بكيت كثيرا ...فقد عدت لبيتي بين أحضان أسرتي الصغيرة المسلمة ، بوطني الحبيب الذي افتقدته.....أخيرا وجدت السعادة ، أخيرا وجدت سعادتي



على الطريق



صديقنا على الطريق ، له قوانينه الخاصة ، يحترم بعضها ويناقش البعض الآخر ، فهدفه الأول في المسير ، هو الوصول بسلام لوجهته المنشودة ، حيا يرزق بدون أي أضرار . أما أن يصل بأقصى سرعة ممكنة ، فذاك هدفه الثاني

صاحبنا يسكن في مدينة بها حافلات شركة اسبانية . وبما أنه مواطن صالح ، فهو لا يرمي نفاياته في الشارع العمومي ، وإنما داخل هاته الحافلات ، كي لا يساهم في تلويث بلده ، وفي المقابل يهمه أن يسبب الأذى لحافلات "اسبانيا". شعاره في ذلك : زبلنا يديه غيرنا 

صاحبنا أثناء قيادته ، يعتبر سائقي الطاكسيات ، كائنات من كوكب آخر ، فهو لا يتوقع أبدا ما سيفعلون عند كل لحظة ، فجأة يتوقفون دون سابق انذار اذا ما لمحوا زبونا ، وبعدها يطلقون وابلا من السباب بدون سبب. صديقنا يرفع شعار :لا للطاكسيات على الطريق

صاحبنا لا يسير أبدا أمام أو خلف أو جانب شاحنة. هو وبكل بساطة يتوقف قليلا حتى تمر السيدة الكبرى ، حتى وإن تأخر لوقت بسيط  ، فذاك أفضل من أن يكون ضحية جديدة للشاحنات الجامحة. صديقنا يؤمن ألا مكان للشاحنات على الطريق

صديقنا يستغرب أحيانا من غياب الأضواء الحمراء في الطريق ، فحينما يقود سيارته ، لا أحد يتوقف عند الاشارة ، فلا يعقل أن تكون هناك اشارة حمراء للوقوف موجودة ، ولا يراها أحد من المارة إلا هو ؟

صديقنا يعترف بأن للخوذة استعمالات عديدة : فهي واقية من أشعة الشمس ، وحامية للشعر من الغبار، ومثبتة لأغطية الرأس ومانعة من استفزازات رجال الشرطة... وربما أحيانا قد تنفع وقت وقوع حادثة.. لكن بما أنه لصديقنا قوانينه الخاصة ، فلا مخافة عليه أبدا من  الحوادث أثناء السير على الطريق




ثلاثة في غرفة




غريبة هاته الحياة ، أحيانا تبتسم لنا فنجد السعادة بين أحضانها ، فنحبها ونعيشها بسرور. وأحيانا عديدة ترفض أن تضحك لنا، فترينا من ويلاتها الكثير بعد أن تلمع صورتها لنا ، فنصاب بخيبات أمل تأخذ منا ببطئ كل شيء جميل فينا
هنا ، في هاته الغرفة  ، اجتمع الثلاثة معا . لم يعرف أحدهم الآخر ولا رآه أبدا ، إلا بعد أن جمعتهم الصدفة في هذا المكان البارد ، فكان قاسمهم المشترك مرض اختارهم دون أن يمنحهم الوقت ليقرروا هل يقبلوه أو يرفضوه ، فعايشهم رغما عنهم وأخذ منهم كل شيء جميل كانوا يتباهون به فيما مضى

هو ، فتى فو مقتبل العمر، أذكى أبناء قريته الصغيرة. عاش الفقر لكنه صمد ، فقد امتلك شيئا فُقِدَ عند الآخرين : ذكاؤه كان بدون حدود ، وطموحه جعل أناس خير يساعدونه ن أجل اتمام دراسته. نجح السنة تلو الأخرى وتفوق بين أقرانه ، نجح لأجل والدته العمياء وردا لجميل من رأوا الأمل فيه ، فمنحوه مالهم ليحقق أحلامه بالتميز.ولج أحد المدارس الفلاحية العليا، كان الأروع فيها بعزمه وصبره وذكائه ,وها هو الآن يجد نفسه بعد سنة ونصف من بداية حلمه ، طريح الغرفة الباردة ، وقد فقد توازنه وخفا نور عينيه ، وهو يعاني من سرطان دماغ ، أفقده كل ما كان يميزه عن الآخرين

وجاره، ذو الأربعين عاما ، صامت كما عادته ونائم في سريره. عهدوه قليل الكلام والابتسام ، لا تلمح فيه سوى العينين الذابلتين ، لمن فقد أمل حياة كان يعيشها بمرها لأجل أسرته . عضلاته المفتولة صارت الآن ثقلا عليه ، وبعد أن كان يحمل كل ما ثَقُلَ عليها ، ليحارب جوع أسرته بزوجة وأبناء خمسة ، فيكون بذلك معيلهم الوحيد ، ها هو يجد نفسه طريح غرفة باردة ، بعد أن تهاوى أرضا من طابق ثالث ، ليمضي بعدها أسابيع بدون حراك ، ويعلم بعدها أنه سيقضي كل ما بقي من حياته هكذا ذليلا جامدا

والثالث  ، وُلِدَ برأس كبير ملأته المياه ، لم يعرف في هاته الحياة شخصا ، هكذا رآه الناس وهكذا ترجت عائلته الخلاص بعلاج أو بوفاة. يبكي فقط دون حراك ، ويزعج في بكائه جيرانه الصامتين النائمين

كانوا ثلاثة فقط ، عاشوا حكايا لم يختاروها ، ووصلوا لحال لم يتوقعوه ، وفي انتظار المصير المبهم ، لم يستطيعوا إلا السكون   بهدوء في الغرفة الباردة

الـبـدايـة

السلام عليكم

بعد ثلاث سنوات وثلاثة أشهر ، قررت أن أحمل كتاباتي ، وتدويناتي ، لأرتحل لعالم بلوجر الذي يتيح لي فرصة أكبر من أجل إضافات عديدة ، أحتاجها في مدونتي ، وحرمت منها طيلة هاته المدة

لم يكن أبدا قرار الانتقال من الكانالبلوج لبلوجر ، قرارا سهلا ، إلا أنه كان اضطراريا ، بعد أن فقدتُ الأمل في أن أُحَسِّن معرفتي بإنشاء المدونات أو أن يحسِّنَ مسؤولو كنالبلوج خدمات مدوناتهم

 مروكية شدت الرحال هنا ، لتبدأ مدونة جديدة ، بقالب بسيط قد يكون قابلا للتغيير مع مرور الوقت ،وبين الفينة والأخرى سأنقل من مدونتي السابقة بعض الكتابات التي ما زلت متمسكة بها لأشارك قراءتها مع متابعي مدونتي الذين رغب العديد منهم في التغيير مثلي

على بركة الله أفتتح مدونتي الجديدة ، وأي تعليقات او ملاحظات أو انتقادات أو تصحيحات ، فكلي آذان صاغية

ملحوظة: شكرا للمدونين هيبو وفؤاد على المساعدات التي قدموها وسيقدمونها لي من أجل اتمام هاته المدونة. ولكل المتابعين ، لا تنسوا تغيير وصلة مروكية لبلوجر ، في قائمة مدوناتكم
سلاموووووووو




مع تحايا
سناء المغربية