كيف تصبح دكتاتورا في ساعة


لطالما أعجبني الأسلوب الذي كان يستعمله الناس في بعض العناوين لجعلها جذابة ومثيرة ومشوقة: كيف تتعلم السنسكريتية من دون معلم؟ كيف تصبح فرنسيا بدون زيارة باريس؟ كيف تصبحين أنجلينا جولي بدون براد بيت؟ كيف تصطادين زوجا في عشرة أعوام؟ وكيف تصبح مشهورا في دقائق؟..
لذا قررت أنا أيضا اختيار عنوان ظننته مثيرا رغم أني لم أستسغه: كيف تصبح ديكتاتورا في ساعة؟؟
ولا تسألوني لماذا "ساعة " بالضبط، لأني حقا لا أعرف، اجعلوها دقيقة، أو شهرا أو عاما أو لاشيء...
أما الديكتاتور فأيضا لا أعرف لماذا اخترته، رغم أني جربت العديد من الأوصاف قبله: كيف تصبح معتوها، غبيا، مجنونا، مخبولا، مشهورا....الخ. فمع كل الصفات السيئة التي تعترينا، ومهما لبسنا أقنعة النزاهة والدموقراطية، نبقى اقصائيين ودكتاتوريين مع أنفسنا.. هذا هو حال بني البشر.

ولكي تصبح ديكتاتورا، يجب أن تعيش بين شعب لين لا يعرف قول كلمة لا. ولكي تجعل شعبا لينا وخاضعا يجب أن تبدأ بإقصاء كل من يستطيعون وضع العقبات في طريقك الديكتاتوري، ربما قد تنجح معك هاته الخطوات التي صار يستعملها كل من حمل الثورة شعارا له وأراد في وهمه الدفاع عنها:
- استهجن الناس الذين اختاروا حزبا اسلاميا ليقودهم، فهم جهلاء فقراء صوتوا على من فتح لهم أكبر عدد ممكن من موائد الرحمن وليس فيهم من اختار وقرر ويريد تحمل مسؤولية اختياره.. لا مكان للفقراء في عالمنا الديكتاتوري.
- اسجن الناس الذين اختاروا حزبا ينتمي للنظام السابق واعزلهم، لأنهم لم يحترموا الثورة التي بنيت على جثة بوعزيزي أحرق نفسه ليحرر الشعوب العربية من طغاتها. وهؤلاء الذين أعادونا للنظام القديم هم خونة يجب التخلص منهم ومن اختياراتهم.. لا مكان للفلول في عالمنا الديكتاتوري.
- أحرِقْ كل من يساند النظام والمخزن، بعد الثورة كل الأنظمة يجب أن تسقط ولو كان وجودها يضمن استقرار البلد. سقوط الأنظمة صار موضة لذا يجب أن يلبس الجميع من تلك الموضة، ومن لم يعجبه الأمر فهو عميل وبلطجي ومخزني و...و.. ولا مكان لهؤلاء في عالمنا الديكتاتوري.
- ساند الأقليات لأنهم أقليات، ففي مساندة حرياتهم الفردية إرضاء لمن نطلب رضاهم ( تعرفونهم طبعا). اذبح بقرة في قلب الهند، فقط لأنك تهوى أكل طحالها في مدينة كربلاء.
- لا تنسى أيضا أن تعارض موازين، لأن ماريا كاري (التي تشاهد كليباتها خفية في يوتيوب) تهز أردافها فيه كمافعلت قبلها عزيزتنا شاكيرا. فقط ثلاثة ملايين حضروا حفلات المهرجان وأضعاف أضعاف هذا الرقم شاهدوها في قنواتنا لكن أيضا 3076 مغربي يرفضونه، ويجب احترام حريتهم والوقوف معه، لأنها أيضا أقليات، وأنت تعهدت أن تدافع عن حقوق الأقليات.

بعد أن تقصي من شعبك المصطنع، الفقراء وضعاف الحال والإسلاميين، و من حضروا حفلات موازين، ومن صوتوا للفلول ومن عارضوا احتجاجات المعطلين ومن دعموا بن كيران، والمخزنيين الذين مجدوا الملك، والحياديين الذين لم يدلوا برأيهم في القضايا المصيرية وعاملة التنظيف التي لا تبالي بالسياسة. بعد إقصاء كل هؤلاء وكل من يعارض ميولاتك، ستصنع شعبا جديدا يشاركك فيه مثليون وعلمانيون وملحدون وثوريون ( حسب مفهومك للثورة طبعا) وسينتولوجيون و..... وكل ما تشتهي نفسك، ستكون قادرا بعدها على العيش كمعتوه حقق ما أراده من ثورة ديكتاتورية صنعها في وهمه.

نقطة بداية.


27 تعليق على "كيف تصبح دكتاتورا في ساعة"

  1. جميل جميل جميل
    أقولها هكذا فقط لأنني أرفض arab got talent و لاأتابعه .. الله الله الله
    لم أحب شفيق و لا أريده لمصر .. و لكن لأن ربع المصريين صوتوا له فله الحق في البقاء رغم نظرية المؤامرة التي شيعها البعض .. هم أغبياء لأنهم أدلوا برأيهم في هذا الاتجاه .. هكذا قالو. قبل يوم "مصر تصنع التاريخ" و بعد يوم "مصر تغتال الثورة" .. فقط لأن المصريين أدلوا بأصواتهم بكل حرية.
    عندما كتبت عن منصف بلخياط راسلني أحدهم سبا و شتما . وصفني بالعميل و الخائن و "المخازني"
    في صفحة ملتقى المدونين عندما نحذف منشورا خرق القانون يصفوننا بالدكتاتورية و بخنق حرية الرأي .. قالوا أننا أسسنا الصفحة لكتي نخدم المخزن و ننصب الفخخاخ ل"الشرفاء"
    آش كنخربق؟؟ و ما دخل ما أفول فيما قلت .. ربما لأنني أطبق ما جاء في تدوينتك و أردت أن أكون دكتاتوريا

    تبارك الله عليك سنينة

    هذه ابجديات الديموقراطية لا ضير من الإختلاف ففيه رحمة كنت هنا :)

    (هيبو) يقول :

    بخطوات بسيطة اصبحت زعيما ^^
    ليس صعبا ان اصبح ديكتاتوراً

    لك يا سنينات اضافة هنا نوعية في كتابتك لمست غضباً
    :)

    إيمي يقول :

    لم أجد تعليقا .. صدمتني التدوينة .. لا أعلم في أي اتجاه و منحى .. لكنها كذلك و كفى .

    أظن أني سأسترجع حلمي في الهجرة قريبا :D

    سعيد يقول :

    قرأت التدوينة

    وكنت هنا

    باسم يقول :

    وكشرت زعيمة عن أنيابها.. هو احنا ناقصين!
    الدكتاتور عموما لابد له من شعب جبان وجائع. وأعتقد أن وصفة الديكتاتوريات تفضح يوما بعد آخر، لذا أتوقع من دكتاتوريي الغد (حفظهم الله) أن يستعملوا علما جديدا أرى بعضه مدسوسا في بعض سطورك.
    شريرة.
    سلام

    said elamine يقول :

    وصفة جديرة بالتجريب

    صح كلامك اختي ، الان فهمت من اين اتو هؤلاء الحمقى الذين في قائمة اصدقائي ممن يسمون انفهم ثوريين ويسبون ويشتمون في مل شيء حولهم اذا ما خالف رايهم ، كنت اقول الان فهمت من اين جاؤوا بالخطوات العملية ..

    يجب ان تسجني لتحريضك للشعب ان يصير ديكتاتوريا ..
    سابلغ عنك

    العــرآب يقول :

    هكذا ببساطة؟ يجب ان اجرب ذلك..
    تدوينة رائعة من اميرة التدوين المغربية :)

    mou ssi يقول :

    ربما ساحاول ان اجرب اسلوبك في الكتابة فهو مشوق

    أمال يقول :

    هناك من يحبون دئما موقع المعارضة ولا يعجبهم العجب، ينتقدون لأنهم يعشقون الانتقاد
    فيروس يصيب العقول والقلوب حتى وإن لم يصرح به الطب بعد

    تدوينة في محلها ولكني لا أريد أن اصبح ديكتاتورا ههههه

    انا لا احب قراءة المقالات لكن احببت قلمك وبديت كان اشتاق الى جديد كتابتك

    الدكتاتورية لكل شخص له منها نصيب، فقط اطلق نفسك لهواها وسترى..
    رؤيا مختلفة منك مغربية

    سناء مكياڤيلي ههههه !
    أحببت فكرة التدوينة .. لذلك قررت المساهمة :
    لكي تصنع ديكتاتورا .. علمه و هو طفل أن لا تحية إلا بقبلة على اليد و إنحناءة تقارب الركعة !
    لكي تصبح ديكتاتورا .. لابد لك أن تضبط الناس و الجماهير لكن قبل ضبطها يجب تحويلها إلى أغنام و قطعان أولاً .. عملية الإستغنام يعني ! ( كيف !!؟؟ دعقة مسلسلات عبيطة يوميا .. تعليم يكلخ أكثر ما يعلم .. الكرامة مقابل قضاء خدمة ما في أحقر مقاطعة في البلاد .. نشر ثقافة الهز يا وز بأي ثمن )
    لكي تصبح ديكتاتورا .. هذه أهم خطوة إجعلهم يصدقون أن لا إستقرار إلا تحت إبطك .. ولا أمان إلا تحت يدك .. أه و إياك أن تنس ألا تحرق كل سير الأوس و الخزرج لأن القطعان الأوباش ستدرك من خلالها أن لا آمن و لا إستقرار إلا من عند الله جل علاه !
    ... ...
    أختي سناء .. لا إكراه في التغير !
    شعب لا يحترم من يخالفه .. شعب لا يستحق التغير !

    طبعا أختي سناء ليس من وصف دقيق لمن ينصبون أنفسهم سدنة الديموقراطية وحقوق الإنسان ،فيهبون من يشاؤون صكها و ينزعونها ممن يخالف نهجهم ...لكن تأكدي أختي أنه بعد البوعزيزي ولى عهد هؤلاء ...فيما مضى كانوا (أنظمة ،رعاة الفكر التغريبي...)يستقوون بالغرب حامي ملتهم ...أما اليوم فالغرب هذا أدرك أنه يدفع اليوم فاتورة دفاعه عن هؤلاء...
    لا ديمقراطية بدون الحق في الاختلاف و القبول بنتائجها وان لم تكن في صالحنا
    تحياتي وتقديري

    محمد ملوك يقول :

    أنا دكتاتور
    قالها دكتاتور في زمن دكتاتوري معين
    هي حكمة ميكافيلي
    وسنة ستالين
    ونهج القذافي
    وسيرة بشار
    " كن دكتاتوريا حتى لا يأكلك الدكتاتوريون "

    سأسيطر على العالم ادن ...

    تدوينة جميلة، كانت لتكون أجمل لو أنها كانت أكثر حيادية :)
    أيضا مررت من هنا ^^

    قوس قزح يقول :

    لم أعرف أن الموضوع بهذه السهولة ..
    سوف أجرب غداً على مسئوليتك :)
    مقال تهكمى سياسي محبك ..
    تحياتى

    هؤلاء الذين ذكرت: أناسا معتوهين، وسياسيين، وإسلاميين وخزنويين، وعلمانيين.. وبقيتهم، يشتركون في أمر واحد مع عاملة النظافة غير المهتمة بالسياسة.. وهو أنهم جميعا يبحثون عن مصدر رزق، عن المال... مثلما نقول في الجزائر "حشيشة طالبة معيشة".. ولكن الشيء الجميل في عاملة التنظيف أنها تترك الأماكن التي تمر عليها نظيفة، أما الآخرون فيجعلونها متسخة..

    مغربية يقول :

    @@ عبد الحميد
    استعمل دكتاتوريتك كما تشاء
    فطالما نشدنا الحرية، الا ونجد معها دكتاتورية وظلم :)
    ضريبة قررنا دفعها في عالمنا الجميل

    @@ كتيب كتبان افريقيا
    الاختلاف رحمة أكيد
    ولكن ليس على حساب الاخر :)
    ربما

    @@ هيبو
    كنت غاضبة حينها :)
    وما أجمل الغضب حينما يعجب هيبو

    @@إيمي
    لم يكن الهروب حلا :)
    ولن يكون

    مغربية يقول :

    @@ سعيد
    أهلا بك دوما :)

    @@ باسم
    صدقني لا يحتاج الديكتاتور لجبن أو جوع :)
    فقط يلزمه ديكتاتوريين مثله، ليستطيع تطبيق ديكتاتوريته كما يريد
    كلنا ديكتاتوري في نفسه :)
    فهمت ما قلت؟
    لو فهمت اشرح لي يا باسم ههههه

    @@ سعيد الأمين
    ألم تجربها بعد
    ؟؟

    @@ خالد التاقي
    حسنا.. أنتظر تبليغك عني أيها الديكتاتور

    تدوينة اكثر من رائعة و محتوى ثرى و مثمر

    شكرا جزيلا

    ا لعاب يقول :



    لك خالص احترامي



    لك خالص احترامي

    رائع جدا وجميل الم

    ألعاب يقول :



    لك خالص احترامي

    رائع جدا وجميل ال


    رائع و مبهج ما وجدت هنا في هذه الواحة ،،،

    إعجابي و تقديري

إرسال تعليق

مرحبا بكلماتكم الطيبة