هكذا عَرفتُ الحُب


Snina

واقعية بلسان كل فتاة تحب

في عالم غابت فيه المشاعر السامية، وأخلاق العرب القدامى التي عرفتها من خلال الكتب ؛ وحلمت أن يبقى أثرها في أذهان شبابنا. وفي عالم صارت السرعة تسيره والخمول يحكمه والخيال يديره، وصارت الفتنة مظهرا مسايرا له والاباحة موضة تعاش فيه...في هذا العالم تمنيت أن أعرف الحب، أن أراه وردة أزرعها بيدي فأسقيها بعواطفي يوما بيوم وأراها تكبر أمام عيني فتكبر معها أحلامي الدفينة وينمو مع فروعها أملي الدائم بأن ينشر رحيق الحب بين كل المزارع ، بين كل المدن ،وبين كل الناس في هذا العالم..
وهكذا عرفت الحب
¤¤¤¤

¤¤ مجرد نظرات ¤¤

كنت مجرد فتاه عادية؛لا تعرف غير دينها دستورا تتبعه؛ ولا غير دراستها حاضرا تحياه ولا غير احلامها بالنجاح مستقبلا تترجاه..لم أبالي يوما باهتمامات آلخرين، فقد كان هدفي واضحا أسعى لتحقيقه قبل كل شيء، حتى جاء ذاك اليوم الذي غير حياتي..

يوم رأيت فيه عيونا تتلصص النظر الي؛حاولت تجاهلها ولم أستطع فقد جذبني الحاحها الدائم على أن ترمقني بنظرات مختلسة، فصرت أرمقها بنفس النظرات حتى أدمنت تينك العينين...نعم، صرت أبحث عنها في كل مكان وفي كل الاوقات؛ وعوض أن أكون المقصودة، صرت المتلصصة الشغوفة..سحرتني تلك العيون وسحرني صاحبها، حاولت تجنبه فما استطعت، فأصبحت أدعي عدم رؤيتي له ، حتى وجدت في أحد الايام الوردية رسالته داخل حقيبتي، لم أعرف أبدا كيف وصلت هناك...قرأتها عشرات المرات فأسرتني وزاد بها تعلقي بصاحبها

قيس بليلى عذِّبَ
وببثينة؛ جميل لقِّبَ
غير أن غرامي لكِ
أروع وأحلى وأعذبَ

أحبكِ
وهكذا عرفت الحب لما عرفته؛ كان كالنسمة الطيبة التي تسعدني كلما حزنت، كالريح الهادئة التي تغريني بالمغامرة  والصخب ، غير أشياء عديدة فِيَّ...علمت أن الدنيا ألوان وليس أبيض وأسود؛ وعلمت أن نور الحب موجود يسرقنا في أحد الأيام سواء أحببنا أو كرهنا أو تجنبناه لسنوات طوال

¤¤ مجرد أصوات ¤¤

اعتدت كما كل يوم على حياة المنزل الروتينية، فكان صوته رفيقي الوحيد الذي يلازمني ليل نهار؛ حين أفرح فأرى بسمته تفرح معي ، وحين أحزن فأرى صراحته تبكيني؛ولما أغضب أرى رقته تهدئني ...كان قائدي في كل شيء؛ ورفيقي في أي شيء..اعتدت الاستماع له فصوته كان يأسرني لكني أبدا لم أستطع الاتصال به ، كنت أخاف كثيرا أن أحدثه مباشرة، فلست مستمعة عادية لبرنامج اذاعي عادي يقدمه منشط عادي، بل كنت حالمة جعلت من المذياع عالمها ومن ذاك الشاب حبيبها الذي رافقها في كل لحظات حياتها التي لم تحس أنها تحياها الا حين سمعت صوته.
وبعد صراع مع قلبي المحب وكبريائي الأبي،قررت أن أكلمه،أن أحدثه في برنامجه المفتوح لجميع القلوب،سمعت ''ألو'' منه فكانت بلسمي الشافي، تشجعت واستجمعت أنفاسي؛كلمته فأجابني بقلبه الطيب، أخبرته عن قصتي وبأني أحببت ملاكا من صوته،أنه غير أشياء كثيره في حياتي،فصار المنزل جنتي بعد أن كان يخنقني، وصرت أرى الدنيا ألوانا رائعة، فأصحو على نور شمس يحييني بها، لأقضي نهاري مع قوس قزح، جعلته كلماته الاروع في هذا العالم،، وأنام ليلا مع ضوء قمر يتسلل بهدوء لجسدي الذابل فينعشه بعد رقود...
أحس بكلماتي فنصحني ، وفوجئت به ليلا يكلمني، أخبرني أنه يعرف المقصود من كلامي، شجعني فاعترفت له أنه هو، طلب أن يراني وافقت فورا فكانت زيارتي لعالمه اسعد أيام حياتي...
وهكذا عرفت الحب لما عرفته؛ كان أجمل صورة لأجمل صوت أحببته قبل أن أراه،فعلمت أن نور الحب موجود فينا، يسرقنا في أحد الايام سواء أحببنا أو كرهنا أو اختبئنا في بنايات باردة.

¤¤ مجرد كلمات ¤¤

مللت من عملي المكتبي المضني،ولجأت كما عادتي لحاسوبي الشخصي، دخلت عالم النت، أردت البحث عن التسلية لمجرد التسلية، ضحكت كثيرا من شباب ضحكوا بدورهم مني، من شاب يدعي أنه من المكسيك واخر يغريني بأموال الفلبين، وثالث يفرغ عوزه بمحاورتي... أدمنت هذا العالمه فصار سلواي وصارت السخرية من الاخرين متعتي الوحيدة التي تبهجني وتريحني من عالمي المضني، حتى عرفت الحب...
عرفت الحب لما حارته لأول مرة، فقد كان مختلفا عن الباقين؛ بهرتني شخصيته الفريدة وتدينه الشديد وحرصه على استعمال اللباقه في حديثه والاحترام في تعامله معي.. اعترف لي بعشقه اعترفت له بالمثل، غير كثيرا حياتي، فصرت أعمل بمتعة أكثر ووصرت أكثر جديه في تعاملاتي وصريحة في أحاسيسي.. تبادلنا المكالمات أكثر من مرة،فسعدت بسماع صوته وكانت سعادته أكبر.
رأيته في أحلامي فزاد تعلقي به أكثر وعلمت أن نور الحب موجود فينا ، يسرقنا في أحد الايام سواء احببنا أو كرهنا او فارقنا عالم من وهم
¤¤¤¤

هكذا عرفت الحب لما عرفته، عرفت ذلك الشعور الذي افتقدته فغير عالمي كله، وغيرت بإرادتي أشياء عديدة تعودت عليها، وعايشتها لمدة طويلة ؛ ولما عرفت الحب؛ صار كل شيء من الماضي وصار هذا الشعور هو حاضري ومستقبلي.

هكذا اذن كانت قصتي مع الحب، كانت رائعة حتى انتهت سنوات دراستي، فهاجر حبيبي لأرض بعيدة في قارب بارد، بحثا عن مستقبل اكثر ثراء بعيدا عني، ضاربا بعرض أمواج البحر كل الكلمات الرائعة التي قالها لي وكل  باقات الورد التي قدمها من أجلي، وكل الاحلام الورديه التي رسمناها معا وحلمنا بها مع كل نظرة.
وكانت قصتي رائعة مع الحب؛حتى تعرفت في ذلك اليوم البئيس على زوجة معشوقي المذيع. كانت بادرة طيبه من زملائه لما فاجئوه بحديثها معه، بضحكات طفله الرائعة وابتسامة رضيعته التي رأيتها بقلبي الذابل ، رأيت أسرة سعيدة تخطف مني حبيبي ورأيت حلما ينهار أمام عيني بانهيار حبه لي الذي تخيلته من صوته..

وانتهت قصتي مع الحب؛ لما طلبت رؤيته فرفض، ولما اكتشفت يوما بعد يوم أن وراء أحاديثه الطيبةالمخبأة وراء حاسوب بارد؛ هناك أكاذيب كثيرة كنت أجهلها. ولما عرفت حقائق شخصيته المتناقضة فعلمت بعدها أن ما بني على وهم يبقى وهما؛ ولم يكلفني الامر سوى سحب انخراطي من عالم النت لأبتعد عن عالم الحب.

هكذا عرفت الحب، ولم أندم أبدا على ذلك، فحياتي العادية علمتني أنه مع الحب، يوجد خداع وكذب ونفاق وخيانة. ووراء نظره متلصصة يوجد غدر دفين؛ ووراء صوت حنون يوجد عالم غريب ، ووراء شاشة حاسوب يوجد جفاء وكذب لا متناهيين...
عرفت الحب وجربت حلاوته ومره، وعشت مراحله وتغيراته، وتعلمت أنه موجود فينا، قد يغيب عنا بإرادتنا أو بدونها لكنه يظهر فينا ان منحنا الفرصة لقلوب مختلفة تهدينا قصصا حقيقية أو من وهم؛ لكن المهم أنها ستعلمنا كيف نعرف الحب


4/08/2008