وصية السنة السابعة


10 يناير 2014:
فتحت مسودة مدونتي وعنونت التدوينة الجديدة "سنة سابعة تدوين". أردت أن أحتفل بمرور سبع سنوات على إنشائي ل"مروكية" والإعلان عن دخولي العام التدويني الثامن. وتلك عادتي التي اتبعتها بانتظام أخط فيها موضوعا بسيطا احتفاء مني بانقضاء سنة وبداية أخرى وأنا على عهد "مروكية".
لكن هاته المرة كانت مختلفة، فقد وقفت حائرة أمام القلم وعجزت عن خط كلمة واحدة في التدوينة. استمرت حالة الجمود تلك أياما طويلة.. بعدها أسابيع.. بل امتدت أشهرا.. حتى ذلك اليوم..

10 يونيو 2014:
حدث ما كنت أخشاه، وتوقفت مدونتي عن العمل لأسباب تقنية خارجة عن إرادتي العبيطة. غضبت بداية وناورت بحثا عن حل سريع لمشكلتي وبأخف الأضرار، لكني استسلمت أخيرا لأن الحل لم يكن أبدا بيدي.
حينها فكرت قليلا: ماذا لو كانت النهاية، فلاشيء مضمون في هاته الدنيا.. حتى مدونتي طفلتي الصغيرة التي أحبها وأحرص عليها من كل قرصنة قد حرمت منها وتوقفت نهائيا.. وبعدها لم يتغير شيء.. واستمرت الحياة..
لكن هاته الحياة.. ستستمر إلى متى؟؟

قدر محتوم:
وإني أحمل روحي على يدي وأنا أرى الموت يتمشى جواري عشرات المرات يوميا، فيخطف أرواحا لم تتوقعه في أحيان عديدة، وأرواحا تأوهت منه وترجته في أحيان أكثر..
وعلموني فيما سبق أن كل بداية لها نهاية، بل حتى الخط المستقيم الخالي من البدايات قد ينعرج يوما أو ينكسر..فينتهي.
هكذا هي الحياة قالوا..وأنا لا أملك منها إلا حبا وبعض الذكريات في قلوب من يهمني أمرهم ويهمهم أمري..

البقاء:
بعض الناس يختارون البقاء أحياء وأموات..
وقد علمت أن بقائي رهين بكل ما هو روحي وجسدي ورقمي.. وآمنت منذ عقود بأن حسابي الروحي عند ربي، فهو يجزيني ويعاتبني ويكرمني ويرحمني كما يشاء. أمته أنا ما خلقت إلا لأعبده شاهدة بألا إله إلا هو ربي وألا نبيا إلا رسولي الكريم.
أما ذكرى الروح واللحظات الجميلة، فالزمان وحده القادر على جعلها خالدة أو ورميها في متاهة النسيان بين أذهان الناس....
تيقنت أيضا أن جسدي وممتلكاتي المادية (القليلة جدا جدا) ملك لمن يهمهم أمري من أسرتي الصغيرة، ولهم حرية التصرف بعدي كما يريدون حسب الشرع.

الوصية الإلكترونية:
وأنا المغلوبة على أمري، أردت الآن فقط أن أكتب وصيتي الالكترونية، فيقرر من بعدي كيفية التصرف فيما ملكته في العالم الرقمي:
بريدي الالكتروني سأمنح كلمة مروره للشخص الوحيد الذي أثق فيه ثقة عمياء ويعرف نفسه، ليضيف لرسائلي جوابا تلقائيا يخبر فيه المرسلين أن صاحبة الايمايل لن ترد عليهم.. أبدا.
أما حسابات الفايسبوك وتويتر فأوصي باغلاقهم حتى لا يستمر عبط تغريداتي قائما، وتبقى الصفحة الشخصية للمدونة مفتوحة للعموم..
وختاما، مدونتي طفلتي العزيزة، أريدها حية باقية للعموم، تحكي عن كل الأفكار التي آمنت بها، والأقدار التي تمنيت تغييرها. تعبر عني وعن قناعاتي، وترسم خطوات الأمل لكل اللواتي شاركنني في يوم من الأيام رسائلهم "المروكية".
..
وصيتي، مدونتي..إذا ما تعبتُ أفتحها وأقرأ الحياة فيها..
أريدها حية اليوم بعد سنوات من التدوين...وحية أيضا غدا، حينما يأتي الغياب..


11 تعليق على "وصية السنة السابعة"

  1. كما قلت لك سابقا، هنالك لمسة مرهفة صارت توشح تدويناتك الأخيرة
    لا اعرف لكن وجدت في هذه التدوينة طيف كريم الجزواني، ربما فكّرت فيه عندما كنت تكتبين التدوينة..
    كوني بخير دائما صديقتي

    Redouane M. يقول :

    الحقيقة انه مهما كان تأثيرنا على الناس فإن الحياة دائماً تمضي بنا أو بدوننا, وهذا أمر يدعو للحزن.

    مساؤك سعيد .. لو لم يكن للتدوين من فوائد إلا أنها بنت أواصر التعارف والإخاء بين رفقاء الحرف و عشاق السرد و محبي لغة الضاد لكفتها .. ..

    أنت أختي ونعم الصديقة صاحبة البيان العذب و والحرف النقي والجملة الناصعة المدوية .. أتمنى لك الخير في قادم أيامك .. لك تحياتي.

    مغربية يقول :

    @سناء البرڭي
    في فقرة من الفقرات.. كان طيف الجزواني يحدثني..
    خصوصا أن توقف المدونة تزامن مع وفاته

    مغربية يقول :

    @رضوان
    نعم... تستمر الحياة ولن تتوقف بتوقفنآ

    مغربية يقول :

    @بندر الأسمري
    شكرا جزيلا لك أخي بندر
    ودمت صديقا عزيزا للمدونة حاضرا دوما

    الله يطول لينا في عمرك، مصير كل المدونات الشخصية ستكون كذلك سيأتي يوما و ستتوقف أو تختفي إذا كانت مدفوعة

    تحياتي لي أروع مدونة

    يوسف يقول :

    غريب كيف أننا نبقى أحياء في الإنترنت، رغم هبوب الريح على رفاتنا.. كيف لأحبائنا أن يصمدوا، أمام الأمل الدائم بالرجوع الذي تمنحه الانترنت. فها أنتَ ترى حسابه مفتوح وكلماته ما زالت في مكانها، لكنك تعجز عن تصديق غيابه..

    كلام رائع‘ واصل في تزيين صغيرتك بالمدونات الرائعة

    طاهر يقول :

    كلام جميل يحتمل معان عدة

    kora today يقول :

    كلمات جميلة نتمنى لك التوفيق أخي الكريم

إرسال تعليق

مرحبا بكلماتكم الطيبة