حـكـايـة دُرَّة - الجزئين الثالث والرابع




قصة واقعية

الجزء الثالث
من كان منكم بلا خطيئة، فليرمها بحجر

سليم، أريد رؤيتك الآن...في أسرع وقت ممكن
كانت كلماتها ترن في مسامعه، نبرتها بدت مختلفة هاته المرة، أنزلت الرعب على قلبه الشاب. لم يعرف أبدا سبب ذلك الاحساس الذي شعر به في صوت درة وهي تحدثه، ولم يعرف كذلك كم من الوقت مضى وهو ينتظرها على أحر من الجمر في مكان لقائهما المعتاد.

أقبلت مسرعة، عيناها ذابلتان كأنهما لم تعرفا النوم منذ أيام، لم تستطع خصلات شعرها الرائع أن تخفي حزن العينين الواضح. سألها عن سبب مكالمتها المقلقة، فما كان منها إلا أن انهارت باكية أمامه:
سليم....أنا حامل
ما...ماذا..؟ كيف...؟
حامل...من يوم عيد الميلاد

صمتا معا، أحس بأن الأرض تدور به، ولم يستطع أن ينطق بعدها بكلمة...شعرت هي بصدمته، تماما مثل احساسها يوم صدمت بالخبر.وبعد دقائق طويلة، استجمع أنفاسه على صوت بكائها الذي لم ينقطع، مسح دمعتها بيديه قائلا : سنتزوج إذن..
ماذا..؟ والدَيَّ...والديك..
سنتزوج مهما كانت الظروف

هو وهي كانا يعلمان بأن زواجهما لن يكون سهلا على والديهما، فرغم المعرفة التامة للجميع بعلاقتهما، إلا أن الزواج في هذا الوقت كان أمرا غير وارد في وسطهما العائلي..لذا، فذكر الموضوع سيكون عصيبا على سليم وهو لم يتم دراسته بعد، وعلى درة التي لن يرغب والداها أبدا بتزويجها بهاته السرعة.

ودعا بعضهما على أمل معرفة الجديد مساء، حضنها بقوة ماسحا دمعتها مجددا: لا تخافي... ان شاء الله خير
توجه سليم بعدها مباشرة لمنزله كي يخبر والديه برغبته بالزواج من درة، ووضعت هي يديها على بطنها، أمام فيلا الدرة، كانت تعلم تماما أن ليلة عصيبة تنتظرها بعد أن يعلم والديها بقرار زواجها من سليم.

_______________________________

 الجزءالرابع
وحدهم الصغار من يدفعون ثمن أخطاء الكبار

بقيت الكلمات الجارحة لوالدي سليم ترن في مسامعه، وهو يتذكر تفاصيل نقاشه الساخن معهما، بعد أن أخبرهما برغبته بالزواج من درة، فكان رفضهما واضحا: لم يتقبلا أبدا أن يتزوج ابنهما في هاته السن، وهو لم يتـم بعد دراسته ولا يستطيع حتى أن يتكفل بكل مستلزماته اليومية.
ولم يستسيغا أبدا  أن يربط مصيره بدرة، الزوجة التي اختارها ابنهما المفضل، كيف استطاعت تلك الفتاة المتحررة في نظرهما، أن تجبر ابنهما على الزواج منها، وهما اللذان اعتبراها مجرد نزوة عادية وصديقة ممتعة ستنتهي صلاحيتها بانتهاء مراهقة الأبناء.

ووالدي درة أيضا لم يستسيغا الأمر، فقد حلما أن يكون لابنتهما الوحيدة زوج من أغنياء البلد، يسير شركة أو مشروعا ما، رجل يعرف كيف يواجه الزمن بصلابته، وليس مجرد مراهق لا يعرف من الدنيا سوى الحفلات الماجنة ولعب التنس في النادي لجذب اهتمام الفتيات.. بالنسبة لهما، كان سليم مجرد صديق حميم لا أكثر، ولم يتصورا أبدا أن ابنتهما ستكون زوجة له في يوم من الأيام.

ولم يكن في يد العاشقين سليم ودرة، إلا أن يقررا قول الحقيقة لوالديهما، فجمعا الأسرتين معا، وفجرا القنبلة..أخبرا الجميع كيف كانا يعشقان بعضهما،كيف كان شغب سليم يعيد الحياة لقلب درة وكيف كان جمال درة وحنانها يحيي الأمل في روح سليم.
أخبراهم أنهما لم يعتبرا علاقتهما أبدا مجرد نزوة، بل كانا يعيشان روحا في جسدين، يفكران معا ويحلمان معا، وكيف لعب القدر بعواطفهما، فكانت النتيجة جنين برئ لا ذنب له سوى أنه ابن سليم ودرة.

تفاجأ الآباء بالأمر، وبدأت مشاداة كلامية بينهم، وسقطت كل أقنعة النفاق التي وضعت منذ سنين طويلة بين العائلتين، فجملت الأسرتين حتى صار أفرادهما أقرب من العائلة.
واستسلمت أسرة سليم في نهاية المطاف خوفا من الفضيحة، فقبلت على مضض درة عروسا لها. بينما لم تستسغ والدة درة الأمر، وأقسمت أنها لم تنجب في حياتها بنتا، وأكدت أن يوم عقد القران سيكون آخر مرة ترى فيها درة، بعد أن قررت السفر بلا عودة رفقة زوجها خارج الوطن، هربا من العار الذي اعتقدا انه سيلاحقهم.

ووقفت درة وسليم أمام القاضي، ووقعا عقد القران بينهما، ووضعت درة يدها على بطنها، أحست بنبضات ذاك الصغير، الذي يعلم ألا أحد فكر في مصلحته، فبراءته لم تشفع له أمام أجداده وجداته، ولم يجد حنانا في هاته الدنيا إلا من يدينِ تشابكتا أمام ناظريه، لتقسما أنه سيعيش ويحيا رغم كل شيء..


يـتـبـع
هامش: حكاية درة تنشر أيضا على صفحة المدونة في الفايس بوك، كل الأجزاء تجدونها هــنــا

15 تعليق على "حـكـايـة دُرَّة - الجزئين الثالث والرابع"

  1. تحياتي لشخصك الكريم ... ماقرأته على بساطة حرفه إلا أنه يحمل نبضاً إنسانياً يعيشه أكثر البشر اليوم وإن اختلفت الأماكن . تسارع الأحداث غير كثرتها وعنصر المفاجأة كان متوقعاً مع أنه كان بالإمكان عدم زواجهما والبحث عن حلول أخرى ، أيضاً جزء تبدو كلمة أكبر على عدد الكلمات التي يحتويها ، فهناك مقطع أو مشهد أو الاكتفاء بالترويسه تلك الجمل الشهيرة على رأس الجزء . عذراً على الملحوظات إلا أنني رأيت أن أطرحها أمامك للأخذ بها إذا أحببت فأنت تملكين أدوات القاصة . وفقك الله

    تجديد جيد ومستمر في القصة لكن تنشرين بشكل متثاقل بين المدونة والفايسبووك :D
    عكس الجزئين الاولين ففي هذا الجزئان ملاحظة بسيطة وهي تسارع الاحدات وإغفال التفاصيل + غياب لمسة التشويق .

    سنينات خودي وقت وغي بشوية

    سلام

    لازلت اتابع القصة أنا هنا.

    متابع.. متابع.. أما نشوف النهاية شكلها إيييييه هههه

    آجي بعدة.. حتى نتي دخلتي لنادي يتبع.. إيوا انتظريني في قصة من النفس المتوسط ومن يدري، قد تكون من النفس الطويل.. هههههه

    كنت هنا..

    طاقتك في السرد ملفتة
    ننتظر لالتهام المزيد:)

    سلامي

    hamada يقول :

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    شكرا اختى الغالى على سردك المميز .
    بالتوفيق لك
    وفى انتظار المزيد من المفيد و الممتع منك
    دمتى فى خير
    تحياتى

    عزيز يقول :

    بالرغم من انني لا اوافق جملة وتفصيلا على ما حدث في القصة
    الا انها ابرزت الوجه الحقيقي لما يحصل ويعاد في المجتمع
    الكل همه مصلحته لاشخصية وفقط

    متاابعه
    اكملي ^_^

    مغربية يقول :

    @@ تركي الغامدي
    أهلا وسهلا
    شكرا على كل ملحوظاتك ، وان شاء الله سيتم أخذها بعين الاعتبار
    غير أني أود أن أوضح بأن القصة هي واقعية جدا، لذا لا أستطيع أن أغير مجرياتها كأن يحصل مشكل ولا يتزوجا أو غير ذلك..........
    الحكاية سمعتها بالصدفة فأحببت مشاركة القراء بكل تفاصيلها
    شكرا لك ثانية


    @@ هيبو
    في البداية يا هشام، لم أكن أنوي أبدا أن أضع الحكاية في المدونة، كنت سأقصر نشرها فقط على مجموعة الفايس بوك،،، لكن ولأسباب عديدة قررت وضعها هنا لتبقى مجموعة الفايس بوك هي المصدر الأول دوما...
    لم أسرد من الحكاية الا أهم ما فيها ، لذلك كان هناك تسارع بسيط، وعالعموم فما زال هناك العديد من الأجزاء القادمة
    شكرا لك عالملحوظات والنقد

    @@ أبو حسام الدين
    مرحبا بك دوما أخي رشيد

    مغربية يقول :

    @@ خالد أبجيك
    مرحبا دوما بقصصك كيفما كانت
    أنا دوما هنآآآآآاك أيضا

    @@ امال الصالحي
    شكرا جزيلا على الكلمات الطيبة

    @@ حمادة
    شكرا لك
    مرحبا بك دوما

    مغربية يقول :

    @@ عزيز
    كلامك صحيح
    هو واقع من مجتمعنا يعيشه الكثير من الناس :)
    سواء قبلناه او لا
    فهو موجود

    @@ سفيرة المحبة
    مرحبا بك دوما :)

    السلام عليكم،
    مازلتُ متابعه عزيزتي سناء..

    المجهول يقول :

    قصة لا أعرف كيف أصفها ولكن سأقرأ الجزيئن الأول والثاني لأعرف كيفية سير الأحداث .. فهذه أول زيارة لي تقبلي مروري عزيزتي

    ان سئلت مرة أخرى قولي أنك تدوننين لأن هنالك ناس تنتظر ذلك ...
    أنا كذلك أدون لكل ما قلته و أدون كذلك لخدمة اللغة العربية و الرفع من نسبة ما يكتب بلغة الضاد...
    دمت بخير سمية لعزيزة ههههههه

    سناء التعليق يخص مقال "لماذا أدون" يمكنك حذفه ...
    شكرا

إرسال تعليق

مرحبا بكلماتكم الطيبة