إيمان في لبنان - النهاية



بداية أعتذر لجميع القراء عن التأخير الخارج عن إرادتي، في نشر أجزاء قصة إيمان في لبنان. أعترف بإطالة التشويق والانتظار، وتقليص الأجزاء نوعا ما..لكن بعون الله، سأضع بين أيديكم الآن آخر جزء من حكاية إيمان، التي كتبتها انطلاقا من واقع فتاة عرفتها عن بعد. شكرا لكل من اهتم بالقصة وتابعها، ولكل من تفاعل معها بتعليقاته وملاحظاته. وشكر كبير لكل الذين راسلوني سؤالا عن نشر القصة.. وللتذكير فقط فهاته وصلات الأجزاء الخمسة الأولى من حكاية إيمان في لبنان.
الجزء الأول  : بداية الرحلة
الجزء الثاني  : بداية الحلم
الجزء الثالث  : بداية المعاناة
الجزء الرابع   : بداية المغامرة
الجزء الخامس: بداية العودة

في يوم من الأيام: النهاية

صعبة هي الحياة حينما تجعلك تشد الرحال بعيدا عن من تحبهم، وأنت تحمل أملا كبيرا يندثر بعد ذلك شيئا فشيئا في خيالك. فتجد نفسك وحيدا في مواجهة ريح عاتية تطيح بكل من يقف ضدها. 
وكم كرهت إيمان تلك الغربة التي عاشتها لأسابيع قليلة في بلد كانت تحمل إليه طموحاتها وأحلامها وآمال أسرتها الصغيرة. فبنت منزلا صغيرا من وهمِ ثراءٍ يجعلها تعوض أمها المشلولة واخوتها الصغار، من حرمان عاشوا به منذ عرفوا في هاته الحياة اللعينة، أن القدر جعلهم أبناء رجل سكير لا يعرف من الدنيا إلا ثمالة الخمر وعربدة الأحضان.

أحست إيمان بشعور مختلف وهي تضع أقدامها في حيها القديم. ولم تستطع مغامرتها السيئة في لبنان أن تنقص من عزيمتها أو تجعلها تحني رأسها. فقد بدأت توزع الابتسامات هنا وهناك على أشخاص عرفت بعضهم وعرفها البعض الآخر.
وهناك في نفس المكان، كان حبيبها السابق واقفا ينظر إليها باشمئزاز. أحست إيمان بالخجل الكبير لنظراته لكنها لم تستطع تجنبها. اقترب منها رويدا رويدا ووقفت هي لحظة لتتأمل ما سيقول، فأحست برشات لعابه تتطاير فوق وجهها الجميل بعد أن بصق عليها  قائلا: هذا ما تستحقينه...
وقفت إيمان جامدة من المفاجأة التي لم تكن تتوقعها، ولم تنبس ببنت شفة أو تتحرك، حتى لمحت أعينا متلصصة كانت تنتظر بشوق تتمة النزاع بين حبيبين هاجر أحدهما ليعمل في الدعارة ( حسب ما يقولون) وبقي الآخر يتسكع في المدينة باحثا عن عمل.
دخلت إيمان منزلها ودموع حارة صارخة تقودها. قبلت بقوة اخوتها الذين انهالوا عليها وعلى حقيبتها يبحثون عن هداياهم.وبعد أن أرضت ايمان اخوتها بقطع شوكولاط ادعت أنها اقتنتها من بيروت الشهيرة  عوض أن تخبرهم بأنها اشترتها من مطار مراكش. توجهت بلهفة لتسلم على أمها المشلولة التي كانت باردة المشاعر هاته المرة.
وبعد هدأة قصيرة، اقتربت ايمان من والدتها وبدأت تحاورها وتحدثها عن ما مرت به من معاناة: عن حاتم وعصابته، وعن فتياته وملهى الألوان، وعن خطتها مع الجن العيساوي وخلاصها في النهاية بصورها الإباحية.
انتظرت الأم الصامتة ابنتها حتى انتهت من روايتها، فسألتها: وماذا بعد؟؟
-لا أعرف
-كان من الأفضل أن تبقي هناك، وتعملي مع الأستاذ حاتم.
-في الدعارة ؟؟؟؟!!!!!
-لا يهم... سيكون حالك أفضل من الآن، ولا أحد سيعرف ماذا ستعملين هناك رغم أنهم يقولون مسبقا أنك سافرت من أجل الدعارة. لكني صبرت واحتملت كلام الناس، لأني كنت أنتظر أموالك بفارغ الصبر، كي تسكت اخوتك الجوعى وتقفل أفواه القيل والقال الشريرة.
أيعجبك حالنا هكذا مع والدك السكير؟ كل البنات يطمحن أن يكون حظهن كالذي حالفك في لبنان. اتصلي بالأستاذ حاتم وأخبريه عن نيتك بالعودة. فالأفضل لنا جميعا أن تبيعي لحمك على أن نعيش هنا حياة فقيرة عفيفة.
أحست إيمان بالأرض تدور حولها وهي تسمع كلمات أمها، ولم تستطع أبدا أن تفهم ما قلته لها. لكن ومع إعادة الحديث عن الأمر مرات ومرات، وإصرار الأم على عمل ابنتها لدى الأستاذ حاتم، قررت ايمان ايجاد حل يرضي أمها وينهي كل هاته المشاكل...

وقفت إيمان أمام شارع الحديقة العمومية، خلعت معطفها وأبرزت مفاتنها. وبدأت تتمشى جيئة وذهابا، قبل أن تتوقف سيارة رباعية سوداء أمامها، ويطل من نافذتها رجل في الخمسينيات من عمره.
 حدث إيمان قائلا: إذا كنت تائهة فبإمكاني مساعدتك عزيزتي..
ابتسمت إيمان في صمت مؤلم، وفتحت باب السيارة لتركب بجانب الرجل المجهول، وتبدأ حكايتها مع مصير مجهول...


النهاية

21 تعليق على "إيمان في لبنان - النهاية"

  1. قؤاءة أولية لآخر جزء
    و عودة في القريب مع قراءة متأنية أكثر للأجزاء جميعا

    كل عام و أنت طيبة سنينة

    إسماعيل يقول :

    إنه عالم يقود إلى الجنون حق..

    إنه الفقر الذي كاد أن يكون كفرا..

    شكرا لك على القصة

    أمال يقول :

    "لو كان الفقر رجلا لقتلته" صدق رسول الله
    مؤسف حين تجبرك الحياة على ترك مبادئك، فقط لتستطيع الاستمرار.
    احييك سناء على هذا المجهود
    كان سردك في منتهى الاحترافية

    سلامي

    يسرى يقول :

    لا شئ يجبرنا على بيع شرفنا ومهما كانت الظروف تظل هناك مبادئ وأخلاق تحكمنا ويبقى الشرف أثمن كنز
    لو أنها صبرت واحتملت ووكلت أمرها للخالق لما خيبها :)
    شكرا لك سناء على هذه القصة

    كنت أتمنى لو أن قلمك ساعد إيمان على التمسك بالعزيمة التي غادرت بها لبنان.. فتجربتها تلك لم تكن لتذهب هباء..

    لأنني لست من عشاق المسلسلات، انتظرت طويلا حتى أقرأ كلمة "النهاية"، لأقرأ القصة بكاملها..

    اسلوب مشوق، سأنتظر قصة أخرى لكن هذ المرة، بنهاية إيجابية

    غير معرف يقول :

    ماهدا الدي اقرأه ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ الله يحفظنا يارب
    كنت اظن ان القصة شيء مختلف ولكن في الحقيقة صدمت انه لشيء مختلف حقا
    ):

    قوس قزح يقول :

    طبعاً نهاية مؤسفة زمصير أشد ظلاماً .. وهكذا فأن وراء كل فتاة فى ملهى ليلى قصة بؤس ومأساة جعلتها تفعل ذلك .. ولكننى أحب أن أقول ..إنه لو كل فتاة دأبت على البحث عن وسيلة عمل ولو ماسحة أحذية أفضل من لجوئها الى تلك الطريقة ..فلا مهانة فى العمل أبداً ولكن المهانه هو ما فعلته إيمان ..

    احب أن اصحح لأمال أن الإمام على رضى الله عنه هو اللذى قال لو أن الفقر رجلاً لقتلته كون على رضى الله عنه كان فقير جداً رغم ثراء عقله و حكمته وعدله ونقاء قلبه

    وفى النهاية أعترف لك يا سناء إنك كاتبه قصصية بأمتياز وننتظر لك المزيد من الإبداع الأدبى المتواصل

    تحية لكِ منى

    عزيز يقول :

    الحرة لا تأكل بثديها يا إيمان

    كان عندي احساس أن المجتمع لن يرحمها، وقد قلت ذلك في الجزء السباق، للأسف هي حملت اسم عاهرة سواء عملت في لبنان أم لم تعمل. وها هي الظروف تدفعها لأن تقوم بما لم تقم به في لبنان.. شيء مؤسف حقا، ونهاية كانت متوقعة.

    اندمجت مع الجزء الأخير أكثر من كل الأجزاء الأخرى، فحضي مني باعجاب اكبر من ناحية التصوير وحتى من الناحية العاطفية، فقد تخللته مسحة حزينة برعت في صياعتها.
    تحيتي

    نهاية تصدم اخت سناء ،،، كل هذا من اجل ان تعود لأحضان الدعارة مرة اخرى ؟ و امها تلك هل تستحق كلمة ام ؟ ام ماذا ؟
    واو ، صدمتني النهاية صراحة ....

    سلمت اناملك

    الفقر سيد المصائب

    كنت هنا

    مغربية يقول :

    @@ عبد الحميد
    يهمني رأيك كثيرا في حكاية ايمان
    في انتظار قراءتك
    وردك

    @@ اسماعيل
    انه القدر الذي يجعلنا نصنع نهاياتنا بأنفسنا

    @@ امال
    ومؤسف أن ندرك في اخر المطاف، أن لم تكن لدينا مبادئ منذ البداية

    الله ياخد ألحق من لكان حيلة وسباب...

    Maroc يقول :

    ماشاء الله .. قصة جميلة اختي الكريمة..
    في انتظار جديدك

    Sirine يقول :

    اقشعرت لحمي عند قراءة هذا الجزء ..
    النهاية ليست دائما سعيدة ..
    أبدعت كالعادة يا سناء

    Zakaria zikoniss يقول :

    واضح أنها قصة جميلة ...للأسف لم أقرأها بعذ
    لكن سافعل ذالك مستقبلاً

    بالتوفيق

    النهاية ليست دائما سعيدة ..
    أبدعت كالعادة يا سناء

    ألعاب يقول :

    النهاية ليست دائما سعيدة ..
    أبدعت كالعادة يا سناء

    النهاية ليست دائما سعيدة ..
    أبدعت كالعادة يا سناء

    ا لعاب يقول :

    النهاية ليست دائما سعيدة ..
    أبدعت كالعادة يا سناء

إرسال تعليق

مرحبا بكلماتكم الطيبة